الأحد، 13 أكتوبر 2013

درويش: دستور 2013 لن يُكتب له البقاء

درويش: دستور 2013 لن يُكتب له البقاء ..وسيولد ''جنيناً مليئا بالأمراض''

صوت التحرير |  الأحد  |   13/10/2013 01:12 م

القاهرة - طارق الكرداوى:

قال الفقيه القانوني والدستوري إبراهيم درويش، إن أداء لجنة الخمسين لتعديل الدستور هزيل ويفتقد لأبسط مبادئ صناعة الدساتير في العالم، واصفاً تعديلات الدستور المزمع إعلانها بـ''الجنين المليء بالأمراض''.

أضاف درويش، في مقابلة مع أصوات مصرية، اليوم الأحد، أن دستور 2013 لن يُكتب له البقاء، ولن يضم مواد دستورية منضبطة، لأنه قائم على المجاملات والمواءمات، وبالتالي سيكون المنتج النهائي ملغماً.

وقال درويش، الذي شارك في صياغة عدد من الدساتير في العالم ''ما يحدث الأن في لجنة الخمسين من تعديلات دستور 2012 جريمة في حق الوطن...والديناميكية التي تعمل بها لجنة الخمسين ستفرز دستورا يضم 300 مادة لا علاقة لها بمفهوم الدستور كبناء هندسي لنظام الدولة الحديثة''.

وأعلن الفريق أول عبدالفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة، خارطة طريق بعد الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي في 3 يوليو الماضي، تتضمن تعديل الدستور وتعيين رئيس المحكمة الدستورية رئيسا مؤقتا للدولة وانتخابات برلمانية تليها انتخابات رئاسية.

وأصدر المستشار عدلي منصور، رئيس الجمهورية المؤقت قرارا بتشكيل لجنة العشرة لتعديل الدستور، ثم تشكيل لجنة الخمسين المعينة بالتوافق بين القوى السياسية المؤيدة لخريطة الطريق والحكومة المدعومة من الجيش ورئاسة الجمهورية بتعديل الدستور الذي أقر العام الماضي خلال حكم مرسي.

وأشار إبراهيم درويش، إلى أن أول ''خطايا لجنة الخمسين'' هو تشكيل السلطة التشريعية من مجلسين، والإبقاء على مجلس الشورى، واعتبر أن هذا يجسد عدم فهم من جانب أعضاء لجنة الخمسين لطبيعة السلطة التشريعية في مصر.

وقال ''يجب تشكيل السلطة التشريعية من مجلس واحد، لأن مصر دولة بسيطة وموحدة...ومجلس الشورى أنشئ عام 1980 على يد الرئيس الراحل السادات ليكون مجلس عائلة أو كما لقبه بـ''مصطبة القرية'' حتى يمنح عضويته لمخلصي السلطة والنظام لاكتساب حصانة برلمانية تحمي من المساءلة القانونية والملاحقة القضائية''.

وأضاف درويش أن التسريبات أظهرت أن لجنة الخمسين تميل لأن يكون اختيار ثلث أعضاء مجلس الشورى بالتعيين، ''وهو خطأ دستوري جسيم'' لأنه لايجوز لمجلس يتم تعيين أعضائه أن يتولى مهمة التشريع، وفسر ذلك بالقول إن أعضاء الخمسين يريدون إرضاء بعض الشخصيات بمناصب برلمانية على حساب الدولة.

وتشمل اختصاصات مجلس الشورى في دستور 2012 المعطل، الرقابة على إنشاء الأحزاب السياسية والصحف وتعيين رؤساء تحرير ومجالس إدارات الصحف القومية والمجالس القومية المتخصصة.

وكان درويش قد وصف دستور 2012 عند وضعه بأنه لا يصلح كتابا في القراءة الرشيدة في المرحلة الابتدائية.

وقال جابر نصار مقرر لجنة الخمسين في حوار متلفز قبل أيام، إن مجلس الشورى يكلف ميزانية الدولة نحو نصف مليار جنيه سنويا، رغم أن نسبة المشاركة في انتخابات الشورى لا تتجاوز 7%، بحسب تقديرات اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية.

وأشار درويش إلى أن أعضاء لجنة الخمسين اعتبروا أن الحكومة هي الوزارة، رغم أنها تعني في كل النظم السياسية الثلاث سلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهذا خطأ دستوري جسيم أيضا، لأن ارتباك المفاهيم لن يأتي بنظام سياسي سليم ومحدد.

وقال إبراهيم درويش ''السلطة التنفيذية يرأسها رئيس جمهورية محدد السلطات ونائب له منتخب على ورقة واحدة مع الرئيس ليحل محله في جميع المهام، وموافقة السلطة التشريعية على اختصاصات وميزانيات الهيئات والوزارات الحكومية، ضمانة لاستقلال السلطات، كما أنها ستقضي على ظاهرة تشكيل وزارات دون اختصاصات كوزارة العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية بعد 30 يونيو''.

واستحدثت الحكومة المدعومة من الجيش وزارة للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية يتولاها المستشار محمد أمين المهدي لتسوية المنازعات وتحديد تعويضات المصابين وأسر الشهداء.

وفيما يتعلق بوضع المؤسسة العسكرية في الدستور الجديد اقترح درويش، أن يتضمن الدستور مادة واحدة تنص على أن''القوات المسلحة ملك الشعب'' ويكون للجيش قانون خاص ينظم شؤونه، وتعرض ميزانيته على السلطة التشريعية كبنود تفصيلية وليست رقما واحدا في الموازنة العامة، حتى في بند التسليح لأن ''كل طلقة رصاص تدخل مصر أصبحت معروفة المصدر والقيمة''، ولم يعد هناك حاجة لاخفاء المعلومات.

وأضاف أن القضاء العسكري يجب أن يختص بمحاكمة العسكريين، وينظر في الجرائم التي ترتكب في حق المؤسسة العسكرية والتي تمثل عدوانا على القوات المسلحة فحسب.

وطالب إبراهيم درويش بإلغاء جميع المواد الدينية من الدستور وعلى رأسها المادة الثانية، وحظر تأسيس الأحزاب على أساس ديني، قائلا ''يجب حذف المواد الدينية تماما ..فالدساتير الحديثة لا تعرف لهذا اللغط والجدل سبيلا''.

وتنص المادة الثانية من الدستور أن ''الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع'' يعتبرها إسلاميون خطا أحمر لا يمكن تجاوزه وإعلانا ضروريا عن الهوية الدينية للدولة.

وعاب درويش على لجنة الخمسين رغبتها في مغازلة كل هيئة أو اتحاد أو فئة في المجتمع بمادة دستورية خاصة بها، مؤكداً أن هذه الأمور موضوعاتها القوانين وليس الدستور الذي يعد بناءً هندسيا للنظام السياسي.

وقال ''لدينا 107 ألف تشريع في مصر، بعضه مهلهل وبعضه الأخر متضارب، ولا يمكن تأسيس دولة مدنية حديثة دون خلق دولة القانون، غير أن منح المرأة والأقباط والمعاقين وأطفال الشوارع وغيرهم حصصا من مواد الدستور لن يكون مجديا وسيحول الدستور إلى مجرد ميثاق''.   

وأشار دريش إلى إن الصناعة الحديثة للدساتير لا يتجاوز فيها مواد الدستور 30 مادة، تشمل باب مقومات الدولة وباب ثان للحقوق والحريات العامة وثالث للحكومة بسلطاتها الثلاث وباب أخير خاص بالمواد الانتقالية، مقترحا أن تنص المادة الأولى في الدستور أن ''الدولة تلتزم بحماية وتحقيق الحقوق والحريات العامة''.

وعن عدم الاستعانة به كخبير قانوني ودستوري في لجنة الخمسين قال ''تم استبعادي من صناعة دساتير الثورة لأني شخص علمي ومنهجي وصنايعي دساتير عالمي ..لن أجامل أحدا ولن اشترك في جريمة أو صناعة وثيقة مواءمات...وقد حاول عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين دعوتي إلى مكتبه بمجلس الشورى لظهوري في مشهد دستور 2013، لكني رفضت وقلت له لن أقبل الجلوس على دكة الاحتياطي''.

وشارك إبراهيم درويش في صياغة دستور تركيا عام 2011 وحصل على الجنسية الأمريكية الشرفية لاسهاماته في الدستور الأمريكي، كما شارك في صياغة الدستور الألماني وعدد من الدول العربية، وتم دعوته لصياغة دستوري ليبيا وكردستان في العراق لكن اعتذر بسبب الاضطرابات السياسية والعرقية.

واختتم درويش قوله ''الضمانة الوحيدة لصناعة دستور محترم هو أن يقوم على أسس ثلاثة هي: المواطنة، المساواة، تكافؤ الفرص ....عند تحقيقها لا مجال عن التمييز الإيجابي للأقليات أو الجدل حول مواد الهوية والدين في الدستور.. لكني مازلت غير متفاءل بالمننتج النهائي للجنة الخمسين''.


لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة صوت التحرير للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك 


ليست هناك تعليقات: