الثلاثاء، 23 أغسطس 2011

الثورات العربية الراهنة..ألغاز مشفرة تحتاج إلى فك رموزها








الثورات العربية الراهنة..ألغاز مشفرة تحتاج إلى فك رموزها



بقلم ـ طارق الكرداوى




ثورتا مصر وتونس
يغرق المحلل السياسي في بحر من الحيرة والغموض حين يحاول تفسير الثورات التي تجري حاليا في أجزاء من الوطن العربي وما ستؤول إليه، والتي بات المجتمع الدولي- بكل اتجاهاته السياسية- يصفها بـ "الربيع العربي" . فهل هذا الوصف لرياح التغيير التي تهب على المنطقة العربية يصدق بالإطلاق، أم أنه مجرد سحابة صيف سرعان ما تذهب لحالها ؟.



ليس من شك أن هناك عناصر مشتركة بين هذه الثورات، تبرر وصفها بـ "ظاهرة" تعم المنطقة العربية بكاملها . ودون التعمق في البحث عن مدى دقة تصنيف تلك العناصر، نقول: إن أهميتها تكمن في إعطائها الشرعية لشعار "سلمية الثورة" التي رفعها الثوار في بداية ثوراتهم. وهذا ينطبق حتى على ليبيا التي تحول الصدام فيها بين الثوار والنظام، إلى صراع مسلح، ما يعني أن شعار "سلمية .. سلمية" لا يصلح العمل به إلا وفق ظروف معينة سيأتي الحديث عنها في فقرة لاحقة.



أما الخاصة الثانية والمؤكدة، فهي أن سبب هذه الثورات لا يرجع- بالدرجة الأولى- إلى انتشار الفقر بين نسبة لا يستهان بها من سكان البلاد التي تشهد تلك الثورات، وإنما لسبب آخر قد تجذَّر في سلوك المؤسسات الأمنية في النظام الرسمي العربي ، ونعني به استخدامه للعنف المغلظ في التعامل مع المواطن.



فقد تعرض الإنسان العربي لإذلال مهين، وديست كرامته بنعال رجال الأمن، ووجهت له إهانات لم تعد مقبولة حتى لدى العبيد واللصوص وقطاع الطرق وشذاذ الآفاق في أكثر الدول تخلفاً وافتقاراً لأصول حضارية أو قيمٍ دينيةٍ .. يحدث كل ذلك بدعوى الحفاظ على أمن الدولة والوطن والمواطن، بينما يعامل المواطن في بلده كمجرد رقم يقوم على خدمة الحاكم وأتباعه.



والدليل على ذلك أن الأحوال الاقتصادية في البلدان التي نجحت فيها هذه الثورات مثل مصر وتونس، تراجعت (إلى حد ما) عما كانت عليه. ومع ذلك لم نجد ذلك الغضب الذي كان يتأجج في النفوس على الأنظمة السابقة في هذين البلدين لسبب واحدٍ ، وهو أن شعور المواطن بكرامته كإنسان وحريته في التعبير عن آرائه ، هو- في حساباته- أقوم وأفضل بكثير من أن يأكل فاخر الطعام وطيب الشراب ثمنا لكرامته وشرفه.



ومع تسليمنا بهذه البديهيات ، نرى أن ثمة سؤالاً مركباً ومخيفاً يتردد على السنة الكثيرين حول ما ستؤول إليه الأمور في دول المنطقة، سواء الدول التي هبت عليها رياح التغيير أو تلك التي أحست بقرب قدومها، أو تلك التي ما زالت تعتقد بأن وفرة المال هو السد المنيع الذي يستطيع منع تلك الرياح من الوصول إليها وإبطال مفعولها ،،،



،،، هذا السؤال هو: هل يصدق توصيف ما يحدث الآن في بلدان المنطقة بـ"الربيع العربي"؟ .. وهل سيمتد هذا الربيع ليصل إلى باقي بلدان المنطقة التي ترزح جميعها (دون استثناء) تحت حكم أنظمة استبدادية فاسدة ومفسدة ؟؟ . وما المقومات والشروط التي ينبغي أن تتوافر حتى تنجح تلك الرياح في بلوغ غاياتها .. وهي كما نعلم القضاء على الأنظمة الاستبدالية وتوابعها من الفساد وعناصر الإفساد؟. وهل شعار "السلمية" التي تسود التظاهرات الصاخبة يمكن أن تحقق أهداف المتظاهرين، أم لا بد أن يلازمه- إذا ما اقتضى الأمر- عمل ميداني (من أي نوع)، يكون قادراً على مواجهة بطش الأنظمة المستبدة التي تحاول استخدام القوة المفرطة في قمع المظاهرات؟.



قبل محاولة الإجابة، على الإنسان العربي أن يدرك أمرين:





أولهما- أن شعوب البلدان التي هبت عليها رياح التغيير تجمع بينها خاصة مشتركة، وهي أن المواطن فيها قد تعرض لكل أنواع الإذلال والمهانة والاعتداء على كرامته وماله وعرضه. فقد كان المواطن فيها أرخص المخلوقات والموجودات ، وكانت ملاحقة المعارضين لأنظمة الحكم فيها واعتقالهم وتعذيبهم والاعتداء على خصوصياتهم أمراً سائداً ومباحاً.



الثاني: يتمثل في أن التظاهرات الاحتجاجية جاءت بمثابة رد فعل طبيعي لدى تلك الشعوب، أوجبه شعور المواطن بعجزه الكامل عن الحياة في ظل تلك الأنظمة، وأنه لم يعد يرى أدنى مبرر للسكوت على حاله البائس، حتى لو اقتضى الأمر أن يقضي نحبه من أجل الخلاص منه.



ومع قناعة هذه الشعوب- شأنها شأن عرب المنطقة- بأن صلاح الأنظمة الحالية الحاكمة يكاد يكون مستحيلاً، غير أنها غلفت تظاهراتها برفع شعار "سلمية سلمية"، وأظهرت أن أقصى ما تطالب به هو إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية تعين المواطن العادي على العيش الآمن والكريم في وطنه، برغم إدراكها أن هذه الأنظمة لن تستجيب لمطالبها، وأن الخيار الأمني سيكون الوسيلة الغالبة لقمع المظاهرات وتشتيتها، وبرغم إدراكها (أي الشعوب) أن أقصى ما تتمناه تلك الأنظمة أن يستخدم المتظاهرون السلاح بدلا من رفع شعار السلمية، حتى تجد المبرر الكافي لاستخدام أقصى درجات العنف ضد المتظاهرين وقمعهم وتقتيلهم.



غير أن تلك الأنظمة لم تعد ترى في شعوبها أكثر من "قطعان من البقر" تستطيع حلبها وذبحها متى شاءت، مع أن المُسَلَّم به أن هذه القطعان تستطيع أن تقضي على من يقودها إذا ما أحست بخروجه عن القواعد الصحيحة في التعامل معها. فإذا ما "هاج" القطيع فإنه ينطلق بقوة هرباً من هذا الخروج على المألوف، ليسحق تحت أقدامه كل من يواجهه حتى لو كانوا رعاته.



فإذا كان هذا هو حال الدواب حين تستشعر خطراً محققاً يداهمها، فكيف يكون حال البشر إذا ما أمعن الحكام الاستبداديين في ظلمهم واعتدوا على كرامتهم واستباحوا أموالهم وأملاكهم وانتهكوا أعراضهم؟!!.



والدليل على ظلم هؤلاء الحكام لأنفسهم قبل شعوبهم، أنهم كانوا دوماً على خلاف فيما بينهم، حول كل الأمور التي من شأنها- إذا ما تحققت- أن تعلي مكانة العرب بين سائر الأمم، وتضيق الهوة السحيقة التي تفصل بينهم وبين شعوبهم. أما بالنسبة للتعاون فيما بينهم في مجال وضع الخطط وتحديد الأساليب وتعيين الأدوات التي تعينهم في السيطرة على شعوبهم وكبت حريات مواطنيهم والتعامل معهم وكأنهم أرقام .. فكان الاتفاق حليفهم.



وأظهر دليل على ذلك، أن كل الاجتماعات التي عقدت تحت مظلة الجامعة العربية، فشلت في جمع كلمة العرب حول أي من القضايا التي تصب في صالح الشعوب العربية، عدا اجتماعات وزراء الداخلية العرب الذين كانوا دوما يخرجون بتوصيات موحدة، تستهدف جميعها البحث في أنجع السبل لاستخدام الخيار الأمني في القضاء على أية معارضة تواجهها بلادهم، إضافة لتبادل الخبرات فيما بينهم في هذا المجال!!!.



وعودة لمحاولة الإجابة مباشرة على ذلك السؤال المركب نقول:





أولا- بغض النظر عن تسمية رياح التغيير التي تهب على المنطقة العربية بـ "بالربيع العربي" والتي قد يكون الغرب قد أطلقها على غرار تسميته للثورة التي قام بها زعيم تشيكوسلوفاكيا في النصف الثاني من القرن الماضي "دوبتشيك" على الاتحاد السوفييتي، بربيع "براغ"، أملاً في أن تأتي هذه الرياح بالتغيير الذي يشتهيه الغرب ،،،



،،، فأحسب أن هذه الدول وبخاصة أمريكا وبريطانيا وفرنسا، لن تكون راضية إذا ما نجحت تلك الثورات في ترجمة مضمون هذه التسمية (الربيع العربي)، على النحو الذي يحقق التخلص من الأنظمة المستبدة، والقضاء بحق على الفساد والمفسدين فيها، وأن تنتهي بتولي الشعوب العربية زمام أمرها كما تريد هي، وليس كما يخطط لها الغرب المستعمر بشكليه القديم والحديث.



ونحسب أيضا أن هبوب رياح التغيير على باقي البلدان العربية التي لم تطلها حتى الآن هو أمر حتمي، ذلك أن المقومات والشروط التي يتطلب توافرها في كل البلدان العربية- الغنية منها والفقيرة على حد سواء- تتشابه مع تلك التي دفعت شعوب تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا للثورة على حكامها.



وليس من شك أن أهم تلك المقومات، يتمثل في إهدار الأنظمة الحاكمة لكرامة المواطنين وإذلالهم والتعدي على حرياتهم وحرماتهم، وهذا واقع يعيشه المواطن العربي منذ عقود ولا يحتاج لأدلة تثبت صحته.



وإذا كان هناك من يعتقد بأن الحالة الاقتصادية، هي العامل الرئيس في دفع شعوب تلك البلدان للثورة على حكامها فهو على خطأ بيِّن. والدليل على ذلك أن ثمة مؤشرات بدأت تظهر على مواقف شباب الدول العربية الغنية نحو أنظمتهم وحكامهم ، تشير- في مجملها- إلى قلق هذه الشريحة الهامة من المجتمع على مستقبلها، بسبب تفشي البطالة بين الشباب، والحجر على حرياتهم، وعدم إشراكهم في اتخاذ القرارات الخاصة بهم، وانعدام العدالة في توزيع الثروات بين مختلف شرائح شعوبهم، وتفشي الفساد بين النافذين في الأنظمة التي تحكمهم.



ثانيا- هناك من يحاول التشكيك في جدوى هذه الثورات، بدعوى أنها تسببت في تباطؤ النمو الاقتصادي وانتشار الفوضى وغياب الأمن وما إلى ذلك من أقوال لا تتمتع بقدر مقنع من المصداقية.



وبرغم تحفظنا الشديد على هذه التوصيفات المحبطة للثورات العربية الراهنة، غير أن هذا التباطؤ أمر طبيعي يحدث حتى في حالة الانقلابات العسكرية التي عادة ما يكون لها قادة خططوا لما سيقومون به مسبقاً. فإعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلدان التي تشهد انقلابات عسكرية على الأوضاع فيها، عادة ما يستنفذ ما لا يقل عن خمس سنوات حتى يعود الاستقرار للبلاد.



فإذا كان هذا هو حال ما يحدث بسبب الانقلابات، فكيف يكون ابالنسبة للثورات العربية التي انفجرت من أجل استعادة كرامة المواطن وإنسانيته وضمان حريتة (مثلما حدث في مصر وتونس والمتوقع أن يحدث في ليبيا واليمن وسوريا). فقد انفجرت هذه الثورات دون أن يكون لديها قادة ومخططات مسبقة تسترشد بها في القضاء على الأنظمة التي تحكمها.



صحيح أن الشباب هم من أشعلوا فتيل هذه الثورات، لكن الصحيح أيضاً أن الشعوب- بكل أطيافها السياسية والمجتمعية وفئاتها العمرية- هي التي قامت بهذه الثورات، والصحيح أيضاً أن هؤلاء جميعهم يفتقدون للقادة والخبرة التي تعينهم على اختصار الوقت لتحقيق الهدف الذي سعوا من أجل تحقيقه، وهو إسقاط النظام وتحطيم رموزه.





زد على ذلك أن شعار "سلمية الثورات" الذي يقضي بعدم استخدام السلاح ضد الأنظمة الحاكمة، أعطى الفرصة لتلك الأنظمة كي تستخدم كل ما لديها من أسلحة لقمع التظاهرات وقتل المتظاهرين وتعذيبهم. ومع ذلك نجح هذا الشعار بالنسبة لمصر وتونس في تحقيق ذلك الهدف، برغم الخسائر التي مني بها، والتي لا يمكن قياسها بما يحدث الآن في ليبيا وبدرجة أقل في سوريا.



غير أن هذا الشعار ثبت أنه لا يصلح التعامل به في جميع الأنظمة في المنطقة. فثمة وجود عوامل جغرافية مختلفة وتركيبٍ اجتماعي متباين وحتى تفاوت في ثقافة الولاء بين الأنظمة العربية، لا بد أن تتدخل في تحديد الوسيلة التي يلجأ إليها النظام في التصدي لتلك الثورات ومحاولة قمعها.



وهذا ما حدث بالفعل بالنسبة للثورة الليبية، حيث اضطر الثوار فيها لحمل السلاح حين تيقنوا أن نظام القذافي لن يتورع عن استخدام كل ما في ترسانته الحربية في القضاء عليهم (والتي تكلفت نحو خمسين مليار دولاراً خلال سنوات حكمة التي ناهزت الأربعين عاماً).



ولعل واقعة تدخل الطيران الفرنسي لمنع كتائب القذافي من إعمال مذبحة مؤكدة في مدينة طرابلس معقل الثوار، لدليل على عجز هذا الشعار "سلمية .. سلمية" لمنع الأنظمة من استخدام العنف المغلط ضد المتظاهرين، واختصار الوقت لبلوغ الهدف المرسوم، وهو إسقاط تلك الأنظمة بأقل الخسائر.



وهكذا يبدو واضحاً أن طبيعة التركيب المجتمعي للبلد الذي يشهد ثورة على حكامه، هي التي تحدد ما إذا كان على الثوار أن يتصدوا للأنظمة الاستبدادية الحاكمة بالسلاح أم لا.



ومهما يكن من أمر، فإن النهاية الحتمية للأنظمة المستبدة هي الزوال لا محالة طال الزمان أم قصر. ذلك أن الأسباب والدوافع المادية والمعنوية التي تقف وراء اندلاع الثورات في كل البلدان العربية هي واحده. كما تنطوي (أيضاً) على معنى واحد، وهو أنه لم يعد لدى الإنسان العربي (أينما وجد) ما يخسره بعد أن نُكِّل به وعًذِّب واستُحلت دياره، ونهبت أمواله، وهُتكت أعراضه، حيث أصبح الموت بالنسبة له أرحم من طلب الحياة.



والسؤال التالي الذي يحتاج لمناقشة موضوعية وجادة هو: إلى أي مدى يمكن لهذه الثورات أن تتصدى لمحاولات الغرب- وبخاصة أمريكا وفرنسا وبريطانيا- احتواءها وتجييرها لصالحه؟. هذا ما سنحاول التعرض له في مقال قادم إن شاء الله.


بعد فضيحة الاستفتاء حظوظ سليمان وموسى تتراجع والمجلس العسكري في مرمى الاتهامات




بعد فضيحة الاستفتاء حظوظ سليمان وموسى تتراجع والمجلس العسكري في مرمى الاتهامات

تحليل ـ طارق الكرداوى



قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة حذف الاستفتاء الذي أطلقه على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" فيما يتعلق بالمرشحين لرئاسة الجمهورية وذلك بعد اكتشاف شراء أصوات لصالح اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق.

وكانت تقارير إعلامية قد كشفت أسرار الارتفاع المفاجئ لنسب استطلاع المجلس العسكري حول المرشحين المحتملين للرئاسة، والتي ارتبطت بقفز التصويت لمصلحة نائب الرئيس السابق عمر سليمان من الترتيب السابع ليتصدر المرشحين المفترضين.

ميلشيات إليكترونية

ذكرت انباء صحفية ، أن هناك ميليشيات إلكترونية أسهمت في تغيير نتيجة التصويت، ورصدت لذلك البريد الإلكتروني للمصوتين، والذين وصفتهم بمزورين استخدموا بريداً إلكترونياً مزوراً، وإنشاء حسابات وهمية على الموقع الاجتماعي "فيس بوك" للتصويت لمصلحة سليمان.

كما نشرت الصحيفة على موقعها الإلكتروني تصويراً فوتوغرافياً للمصوتين وهم يستخدمون أحد المقاهي المزورة تقودهم سيدة أعمال في الأربعينات من عمرها، قالت الصحيفة إنها مقربة من عمر سليمان، وتدير عملية التصويت من شقة بالمهندسين. وأضافت أن السيدة كانت تدفع جنيها واحداً مقابل كل صوت لمدير المخابرات السابق الذي تولى منصبه كنائب للرئيس السابق أثناء ثورة 25 يناير، وأنها كانت تسدد 100 جنيه لكل 100 حساب إلكتروني مزيف.

وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد أطلق في 19 يونيو/ حزيران الماضي استفتاءً تضمن عددًا من الشخصيات العامة التي أعلنت ترشحها أو الشخصيات التي تم ترشيحها من قبل الشعب المصري والإعلام على أن ينتهي الاستطلاع يوم 19 يوليو/ تموز بصفة مبدئية، غير أن الاستطلاع استمر بعد هذا التاريخ دون أن يعلن المجلس مده لأجل معين.
ضمت القائمة 15 اسمًا من بينهم محمد البرادعي الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأحمد شفيق رئيس الوزراء السابق، وأيمن نور مؤسس حزب الغد، والمستشار هشام البسطويسي، والإعلامية بثينة كامل، والمفكر الإسلامي محمد سليم العوا، وعمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية.

وخلال الآونة الأخيرة لوحظ أن التصويت الإلكتروني لمصلحة عمر سليمان قفز من المركز السابع إلى الأول في 45 يوماً فقط، وأن الفارق تقلص بينه وبين البرادعي من 60 ألفاً إلى 32 صوتاً فقط.



ويرى مراقبون أن قوى الثورة المضادة هي من حاولت تكوين مليشيات الكترونية، بهدف ترجيح كفة عمر سليمان، الذي يعتبر أكثر الوجوه المرشحة للرئاسة تقرباً للنظام السابق. ويضيف المراقبون بأن فضيحة استفتاء المجلس العسكري كشفت عن وجود تغير نوعي في خطة فلول النظام السابق للقضاء على مكتسبات الثورة، حيث اتسعت محاولات قوى الثورة المضادة من مجرد تعمد نشر الفوضى والترويع في البلاد إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتيه، للتأثير على الرأي العام في مصر، خاصة فئة الشباب الذين يشكلون أكثريه من يستخدمون الشبكة العنكبوتية.

حذف الاستفتاء

أقدم المجلس العسكري على حذف الاستفتاء الذي أطلقه على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي لينفي أي محاولة تربط بينه وبين نتائج الاستفتاء، خاصة بعد ما ترددت شائعات عن دعم القيادة العسكرية لوزير المخابرات السابق، وأثيرت في أكثر من مناسبة تساؤلات حول مدى تأثير عمر سليمان، على المجلس العسكري الذي يحكم البلاد حاليا.

الكاتب الصحفي الأميركي توماس مونتاين يرى أن حظوظ سليمان في انتخابات الرئاسة القادمة باتت ضعيفة، مشيراً إلى أن ماضيه ساهم كثيرا في ذلك. وأكد الصحفي الأميركي خلال مقالة له بصحيفة "جارديان" الارترية أن سليمان كان رجل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عندما تريد القيام بعمل قذر في الشرق الأوسط فضلا عن كونه حلقة الوصل مع إسرائيل، وأنه على اتصال مع الموساد بشكل يومي.

وأوضح "مونتاين" أن سليمان سيء السمعة بسبب فرض الحصار على قطاع غزة، وأشار إلى عمر سليمان كان بمثابة مساعد رئيس المافيا والمنفذ لتعليمات مبارك، ووصلت سمعته إلى اختراع طرق لكيفية التعذيب في عمليات الاستجواب الخاصة بالمخابرات.

ولفت الكاتب الأميركي إلى أن كل عضو من أعضاء المجلس العسكري الذي أطاح بمبارك، قد وصلوا إلى المجلس العسكري بختم منصب سليمان الجديد. في حين أنهم ربما يكرهوا "الوزير السري" إلا انه يمكن أن نتوقع أن قادة المجلس العسكري يعرفون أنه إذا كانوا يريدون تجنب إنهاء حياتهم المهنية واقفين في قفص الاتهام فى محكمة مصرية "فعليهم الوقوف معا وإلا سيعلقون معا كل على حدة".

تلميع عمرو موسي

المثير في الأمر أن حملة الخداع الإلكتروني التي استخدمتها قوى الثورة المضادة لتلميع المرشح عمر سليمان جاءت متزامنة مع حملة تلميع إعلامية لمرشح آخر محسوب على نظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، وهو الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمر موسى، واستخدم مؤيدو موسى هذه المرة الآلة الإعلامية لتلميع صورته أمام الرأي العام بعد انتقادات شديدة تتهمه بمحاباة نظام مبارك على مدار أكثر من عشرين عاماً عمل خلالها موسي مع النظام المخلوع.

[عمرو موسى]
عمرو موسى
أما الأكثر إثارة فهي مساهمة بعض صحف الدولة في تلميع صورة موسى، حيث جاءت صحيفة الجمهورية في صدارة أكثر الصحف اهتماما بأخبار وتنقلات الأمين العام السابق للجامعة العربية، ولم يقتصر الأمر على مجرد متابعة تحركات موسي الانتخابية، بل تعداه ليشمل حملة تلميع في الصحيفة ذاتها عن طريق تجييش عدد من الصحفيين والكتاب لصالح لموسي، حتى أن الصحيفة نشرت ـ ولا تزال تنشر ـ سلسلة مقالات تحت عنوان "دفاع عن الحقيقة. وليس عن عمرو موسي" ويكتبها الكاتب الصحفي السيد هاني في عموده الصحفي " ألف باء".

وبحسب وكالة رويترز يواجه الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية تحديا كبيرا أمام المتشككين ليثبت أنه ليس جزءا من النظام القديم الذي انتفض المصريون ضده، فبينما يصر مؤيدو موسى على أن مصر تدخل عهدا جديدا وأنه لابد من منح وزير الخارجية السابق الفرصة خاصة أنه يمتلك خبرة سياسية كبيرة، تتجمع أصوات أكثر تشككا بأنه كان من النظام القديم وأن البلد في احتياج لشخص جديد.

الأمين العام السابق للجامعة العربية يرد من جهته قائلا: "إن أفعالي بجامعة الدول العربية تظهر أنني أفكر بشكل مختلف عن الأنظمة العربية، هذا بينما يشير محللون إلى أن موسى يواجه تحديا آخر لكسب هؤلاء المؤيدين لحركات الشباب الليبرالي الثوري الذين يدعون إلى تطهير النظام كاملا والإسلاميين الذين يتوقع أن يدعموا مرشحا إسلاميا.
ويقول محللون إن موسى يسعى لاجتذاب دعم العائلات الكبيرة القادرة على التأثير في آراء الناخبين بمناطقهم، وهو نفس التكتيك الذي اتبعه الحزب الوطني قديما. وأضافوا أن حصوله على دعم مؤيدي الحزب السابقين يساعده على تحقيق أرقام كبيرة.

ووفقا لاستطلاع رأى أجراه معهد جالوب في يونيه الماضي، فإن 10% ممن شملهم الاستطلاع قالوا أنهم سيصوتون لأعضاء الحزب الوطني الديمقراطي المنحل فيما حصل الإخوان على 15% فقط من الأصوات.

طارق الكرداوى يكتب .. انا ومبارك وصدام




طارق الكرداوى يكتب ..

صدام ..مبارك .. مشاهد متنافرة

يغص عالمنا العربى بصنوف شتى من الفساد المقترن بالحكم , مبرهنا على أن السمكة لا تفسد الا من رأسها / رئيسها الذى إذا كان بالدف ضاربا فشيمة اهل "البيت" بلا شك الرقص والطرب.
وثمة مشهدان اثنان قد يبدوان للوهلة الاولى متقاربين تماما وسرعان ما يكتشف الرائى انهما متنافران , بل ويقف كل مشهد منهما فى اقصى جهة من المشهد الاخر.
وللحقيقة أن التقارب المخادع الذى يبدو للوهلة الاولى ليس إلا فى مشهد واحد هو ان الذى يحاكم هو أعلى رتبة فى البلاد إلا ان المشهد برمته يبدو بعد ذلك مختلفا , من حيث السبب والنتيجة .
ومن حيث الضحايا هل هم اعداء البلاد ام هم الوطنيون فيها ومن حيث الظرف الذى قاد الى تشكيل هذا المشهد او ذاك , هل كان ثورة شعبية وطنية أم احتلالا اجنبيا ؟ فضلا عن انه لا يستوى خلقا خائن ومقاوم , صادق وكاذب , وادلة ملفقة واخرى قاطعة يجرى تمزيقها.
المشهد الاول حدث عام 2007 ويخص الرئيس العراقى صدام حسين والمشهد الثانى فى 2011 ويخص الرئيس المصرى محمد حسنى مبارك.
ففى المشهد الاول نرى رئيسا سقط أسيرا أثناء مقاومته عدوان 33 دولة غربية كبرى على بلاده , فى مؤامرة وقف فيها بطل المشهد الثانى موقف المتأمر والشامت بل والمشارك .

بينما فى المشهد الثانى نرى ثورة شعبية غير مسبوقة تاريخيا فى دولة مثل مصر يميل شعبها الى السكينة والسلام والتسامح ضد رئيس البلاد واركان نظام حكمه الذين ساموا شعبهم سوء العذاب طيلة 30 عاما حكمها مبارك .
دمر خلالها الحرث والنسل , وبيعت اراضى الوطن للأجانب ولعلية القوم واعتلى اللصوص قمة المشهد السياسى , وسيطر نظام الاقطاع .
واستمرأ الناس الفساد والعمالة والخيانة وكل قيم الانحطاط , بل والادهى ان ذلك صار صكا للراغب فى العيش عيشة رغدة.
حوكم بطل المشهد الاول بأدلة ملفقة وتهم تم دحضها من الغريب قبل القريب , وكانت جريمته فى كل المشهد انه دافع عن استقلال بلاده طيلة فترة حكمه.
ولم يدخل الى الحظيرة الامريكية / الاسرائيلية التى هرول اليها معظم الحكام العرب وعلى رأسهم عراب اسرائيل بطل المشهد الثانى.
وفى المشهد الثانى حوكم الرجل بتهم تخجل منها الوطنية وتعافها الفطرة الانسانية وتنفيها قيم الشهامة والرجولة , فهو لم يترك موبقة قانونية واحيانا اخلاقية الا وارتكبها .
عمالة ليس لاعداء بلاده فحسب بل لاعداء دينه واعداء بنى جنسه التاريخيين منذ ان خلق الله الخلق , وكذا السرقة و النهب والاحتيال والتعذيب والكذب والتحريض على قتل واصابة الاف المتظاهرين السلميين من خيرة شباب بلده المثقف وممن هم فى سن ابنائه واحفاده .
والعمل على نشر الفساد والخوف فى الارض التى اوصى الله لها بالأمن والأمان والرخاء والنصر , كل ذلك نظير ان يبقى فى الكرسى حتى يورث نجله الحكم.
فى المشهد الاول نرى قاضيا اصدر حكمه قبل ان يعتلى المنصة ومتهما وقف شامخا ابيا بل وانيقا رغم ان حراس المحكمة برمتها هم أعداء البلاد كلها والخصوم الشخصيون له.
وفى الثانى نرى قاضيا مشهودا له بالنزاهة ولكنه لا يحكم الا بناء على مستندات وبراهين حال المتهم وعصابته دون توافرها لاسباب متعددة منها ان المتهم مشهود له بارتكاب جرائمه بدقة كبيرة كما ان كل الادلة لا تخرج الا من بين يديه.
ونرى مبارك راقدا على سرير فى محاولة رخيصة لاستدرار عطف شعب تم ثقب ذاكرته وتغييبه سياسيا وفكريا ,رغم ان العديد ممن حضروا المحاكمة شاهدوا مبارك يهبط ماشيا من الطائرة ومنهم شيخ المقاومين حافظ سلامة.
ولا يفوتنى هنا أن اذكر ما تردد عن أن تقريرا لمنظمة اليونسكو حول وعى الشعوب العربية السياسى أكد أن 94.6% من المصريين يعانون أمية سياسية.!!
فى المشهد العراقى تمت محاكمة الرجل محاكمة صورية وسط مظاهرات غضب واستنكار تجوب العالم , ووقفت الامبريالية العالمية حامية لها ومصرة عليها .
وفى المشهد المصرى كانت المحاكمة فى حد ذاتها مطلبا شعبيا وعالميا , وجاءت فى اطار تخفيف ضغط الرأى العام , فيما استنكرتها كل قوى الرجعية والامبريالية العالمية وأزلام مبارك وفلوله.
الاختلاف أيضا وصل الى أشخاص الدفاع ففى المشهد العراقى كان القتل يطارد دفاع صدام حسين بل ويمتد ليطال أهلهم وذويهم أيضا , فيما ازدحمت القاعة بشهود الزور .
بينما فى المشهد الثانى تم الدفع بسخاء لدفاع مبارك – مع كثرتهم وطول خبرتهم ولاعلاقة لنا هنا بضمائرهم فمنهم من يدافع عن جواسيس اسرائيليين متمترسا خلف مفاهيم المهنية – ولكن اكتظت القاعة بأسر الضحايا المكلومين ودفاعهم المتطوعين الذين لا يملك كثير منهم دخلا منتظما.
ونرى ايضا جمال وعلاء مبارك يحاولان الظهور بمظهر أصحاب الحق والثقة بالبراءة بل والضحايا رغم أن الجميع يعلم أنهما ليسا إلا مهندسين فى مؤسسة الفساد التى ضربت بأطنابها كل مصر .
أما عدى وقصى صدام حسين فعلى النقيض فقد استشهدا اثناء مقاومتهما - مع الطفل مصطفى- للاحتلال الامريكى لبلادهما.
وحتى من ناحية المحاكمة الشعبية لكلا الطرفين , نجد أن الشعب العربى فى اغلبه يشهد لصدام حسين بالوطنية والشهامة والشجاعة وعدم ايثار النفس على الغير , فهو لم يتردد ابدا فى ان يودع كل لص أو منتهك للقانون السجن حتى لو كان ابنه قصى او حتى زوج ابنته .
بل انه صنع من العراق البلد النامى بلدا يقف فى مصاف الدول المتطورة , فهو الاكثر تقدما تقنيا وعلميا وتعليميا وطبيا ليس فى العالم العربى فحسب بل وفى العالم الثالث كله .
أما بطل المشهد الثانى فقد هوى بالبلاد الى الحضيض وباع مصانعها وغرب تعليمها , وخرب زراعتها وصحة شعبها , ورهن نفطها , وباع ارضها , واستأآثر لنفسه ولابنيه ولحزمة من ضعاف النفوس بكل مقدرات البلاد ولم يترك للشعب حتى الفتات .
فأ تخمت كروش وبنيت قصور , وفسدت ذمم وضمائر , وتبلدت مشاعر , بينما سكن الشعب القبور واكلوا الجيف ولحوم الحمير ,وافشت السرقة والرذيلة .
وساد منطق عصابات القرون الوسطى , وتفشت الشللية فى كل شىء , وقتل الشرفاء والمفكرون جوعا فى منازلهم , وقهرا بين عزوتهم , وذلا رغم عزتهم.
نعم كلا المشهدين متشابه فى الظاهر لكن اختلاف الجوهر بينهما شاسع , كالاختلاف بين اعدام المجاهد عمر المختار ومقتل الخائن أمين عثمان , واثق ان اعدام صدام الذى لم يدنه قط بل زاد من عبقرية هذا الرجل واعلى من قيمته العالية أصلا فى التاريخ .
اثق انه لو طبق على مبارك فلن يدعم ابدا موقفه , ولن يرفع من شأنه المتخم بالفساد .. واثق ان الناس سيقولون انتصرت العدالة ويتأكدون من ان الله – حقا -
يمهل ولا يهمل.

لقائى مع صديقى الفنان الرائع محمد ابو الحسن على جريدة صوتت التحرير