الخميس، 13 أكتوبر 2011

«مبارك» مارس ضغوطا كبيرة علي البابا للسكوت عن اضطهاد الأقباط



كتب:طارق الكرداوى

شريف دوس رئيس الهيئة العامة للأقباط في حوار صريح: «مبارك» مارس ضغوطا كبيرة علي البابا للسكوت عن اضطهاد الأقباط



لابد أن تصدير الحكومة سريعا ثلاثة قوانين بالترتب قانون تنظيم بناء الكنائس وقانون عدم التمييز وأخيراً قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين.

بهذه المطالب بدأ الدكتور شريف دوس رئيس هيئة الأقباط العامة حواره مع «الموجز» مؤكداً أن حال الأقباط بعد ثورة يناير ازداد سوءاً عن سابق عهده طالما ظلت الفجوة تتسع بين طرفي الأمة المسلمين والمسيحيين.

وأشار دوس إلي أن الهيئة ليس لها أي علاقة بالكنسية ولا تتلقي دعما من البابا شنودة ودورها خدمي وليس سياسيا وقال دوس إن الرئيس مبارك كان يفرض ضغوطا مباشرة علي البابا شنودة للسكوت عن الحوادث التي حدثت للأقباط طيلة الثلاثين عاماً التي مضت.

دوس استطرد في وصف ما يدور علي رأس المشهد السياسي في الوقت الراهن في نص الحوار التالي:

> بداية.. كيف نشأت هيئة الأقباط العامة وما الهدف من إنشائها؟

>> هيئة الأقباط العامة في مصر بدأ نشاطها بعد ثورة يناير بالتعاون مع بعض المثقفين الأقباط لتقديم دور اجتماعي مدني وهي عبارة عن جمعية مسجلة ومشهرة تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعي ومن ضمن أهداف الهيئة عملية التثقيف السياسي والاجتماعي بشتي أنواعه، وأعضاء الهيئة يقومون حاليا بنشر بعض المقالات التي تحث علي التوعية والمشاركة السياسية للأقباط في معظم وسائل الإعلام خاصة أن الأقباط ليس لهم مشاركة سياسية واجتماعية فعالة منذ أكثر من خمسين عاماً نظراً لظروف البلد التي كان يحكم بها.

> وهل للهيئة دور سياسي؟

>> ليس لنا نشاط سياسي بيّن لكننا نسعي إلي التوعية بعملية السياسة من مختلف جوانبها حتي يتسني لجميع المسيحيين في مصر التناغم مع الحراك السياسي الذي اختلفت معالمه كثيراً بعد ثورة يناير ونحن نساند المجتمع المدني بشدة ونتمني أن تصبح مصر دولة مدنية خلفيتها القانون وقواعد الدستور.

> كيف تري مشاكل الأقباط في مصر؟

>> مشاكل الأقباط حقيقية وليست مفتعلة كما يتصور البعض وكنت قد تقدمت بكشف إلي أولي الأمر في زمن النظام السابق ذكرت فيه تاريخ ثلاثين حادثا حدثت للأقباط في مصر من اضطهاد جماعي ونهب للبيوت وحرق للأراضي وسرقة للأموال وهدم الكنائس وغير ذلك وللأسف اشترك وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي ورئيس جهاز أمن الدولة السابق حسن عبدالرحمن بطريقة مباشرة للحيلولة دون الوصول إلي الرئيس مبارك فضلاً عن أن جهاز أمن الدولة اشترك بطريقة مباشرة أيضاً في افتعال المشاكل والعقبات أمام الأقباط علي مدار سنوات حكم النظام البائد فما لاشك فيه أن هناك اضطهادا للأقباط ومن ينكر ذلك جاحد وأفاق وسبب ذلك سوء التعليم وعدم الحث في برامجه علي الألفة بين طرفي الأمة المسلمين والمسيحيين وكذلك استخدام سلاح الإعلام في محاربة المسيحيين وتخلف الكتب والموروثات الثقافية الدينية ورجعيتها الفكرية وبمعني أدق فإن الجو العام في مصر لا يدعو بأي حال من الأحوال لقبول الآخر مع انتهاء سماحة الإسلام واستمرار انتشار الفكر الوهابي المتشدد الذي انتهي منذ عقود طويلة والمجني عليه في النهاية هو المسيحي الحر الذي لا يجد ملاذا آمنا للعيش علي أرض مصر رغم أننا شعب نبت من بذرة واحدة.

> وكيف كنت تري معاملة الرئيس السابق مع الأقباط؟

>> لا أعتقد أن الرئيس مبارك كان يقصد اضطهاد المسيحيين والتمييز بينهم وبين المسلمين لكن طول فترة ولايته للحكم أدي إلي تحكم الحاشية والبطانة الموالية له في مقاليد الأمور فكان هدفهم الأسمي إيعاز الفتن بين المسلمين والمسيحيين بسبب وبغير سبب حتي يتسني لهم النهب والتدليس و«الضحك علي الدقون» كما نقول إضافة إلي تحكم جهاز أمن الدولة في جميع الأمور الأمنية في مصر من الشمال إلي الجنوب ومن الشرق إلي الغرب وكان شغله الشاغل اضطهاد المسيحيين والإخوان المسلمين بجميع الطرق الشرعية وغير الشرعية إلا أن الإخوان لم يتعرضوا لمثل ما تعرض له المسيحيون من أزمات ومشاكل.

> وكيف كنت تري شكل العلاقة بين البابا شنودة ومبارك؟

>> الرئيس السابق كان يمارس ضغوطاً مباشرة علي البابا شنودة للسكوت عن حوادث الأقباط المريرة التي قد تثير الرأي العام العالمي ضد أجندته الشخصية كما علمنا مؤخراً، والبابا كان لا يملك إلا أن يمتثل لتلك الأمور ويشرع فوراً في لم شمل جموع الشعب القبطي الثائر وإبعاده عن العصيان.

> كيف تري البابا شنودة وتعامله مع مشاكل الأقباط القديمة والحديثة؟

>> الظروف الأمنية التي كانت تعيش فيها مصر فرضت علي شنودة التعامل مع مشاكل الأقباط من منظور مختلف وهو الظهور دائماً في موقف الجريح المسكين الذي يعتزل الجميع ويهرع إلي ربه للاعتكاف حتي تنفرط حبات العقد المتشابكة والمعقدة وكان معظم الأقباط يتفهمون ذلك ويتعاملون معه بنفس المنظور وبالتالي تراكمت المشاكل الواحدة تلو الأخري حتي بات الأمر كالمعادلة الحسابية التي ليس لها شفرة للحل وللحق فإن الزمان مهما انطوت صفحاته وتطايرت لن يجود بشخص مثل البابا شنودة في حكمته وعقله ورزانته في الحكم علي الأمور ومعالجتها المعالجة السليمة رغم أنه تحمل فوق طاقته والتاريخ سيؤكد أنه وضع الكنيسة المصرية علي رأس كنائس العالم وطورها من كنيسة فلاحين إلي كنيسة مثقفين.

> لكن هناك مشاكل أثارها الأقباط الأرثوذكس بعيداً عن اضطهاد الدولة لهم وعلي رأسها مشكلة الزواج الثاني.. ما تعليقك؟

>> «اللي عايز يتجوز تاني.. يتجوز برة الكنيسة» فلا يعقل أن تتغير معتقدات الإنجيل حتي يتسني للبعض أن يتزوج مرة ثانية فلا يطلق المرء زوجته إلا لعلة الزني وإذا تزوج بمطلقة فهو يزني، الكلام واضح وصريح «الإنجيل ليس مزاجا شخصيا لإحلال المتعة».

> لكن البعض يهدد بالخروج من الملة إذا لم يستجب البابا لذلك وهو ما حدث مع الخمسة أفراد الذين انسحبوا من الملة الأرثوذكسية وانضموا إلي ملة أخري لامكانية الزواج الثاني؟

>> فليخرج من يريد أن يخرج من الملة ولن تتأثر الكنيسة الأرثوذكسية به مطلقا لأن الأساس السليم هو الذي يبني علي الحق ولا يحيد عنه أبداً وهذه هي تعاليم الإنجيل المكتوبة.

> هل هناك ثمة علاقة بين هيئة الأقباط العامة والكنيسة الارثوذكسية؟

>> نحن ندين للكنيسة بالولاء الكامل لكن لا توجد أي علاقة خدمية أو سياسية من أي نوع من الكنيسة ويشرفنا أن تطلب منا الكنيسة أي أعمال خدمية أو سياسية لصالح الأقباط بصفة خاصة والوطن علي وجه العموم وأعتقد أن ذلك سيحدث في القريب العاجل.

> وماذا عن خضوع أموال الكنيسة للرقابة المالية؟



>> الحكومة لا تعطي للكنيسة المصرية «قرشا واحدا» وجميع الأموال التي تدخل الكنائس هي أموال الشعب القبطي وبالتالي لا يحق خضوع أموال الكنيسة للرقابة المالية فهناك نظام مالي في كل كنيسة يشرف عليه قداسة البابا واسقف كل كنيسة علي حده وجميع التبرعات التي تعطي للكنائس تكون موثقة عن طريق إعطاء المتبرع إيصالا رسميا يثبت ذلك للحفاظ علي أموال المتبرعين وهناك أموال طائلة تخطت الملايين جاءت عن طريق التبرع من بعض المسلمين والحالة الوحيدة التي يحق للحكومة الإشراف فيها علي أموال الكنائس هي عندما تشارك في بنائها وترميمها والصرف عليها وما يثار حول ذلك مجرد كلام في الهواء هدفه الأول والأخير الضغط علي الكنيسة من جميع الجوانب لإرضاء أطراف بعينها.

> لم يختلف حال الأقباط كثيراً بعد الثورة عن سابق عهده بل ازداد سوءاً.. هل تستعصي مشاكل الأقباط علي الحل من قبل الدولة؟

>> الدولة أمامها الكثير من المشاكل العويصة والعصيبة لكنني أري بارقة أمل ونورا في احتضان مشاكل الأقباط العديدة قبل أن تتفاقم أكثر من ذلك ولن يحدث ذلك قبل الانتقال من المرحلة الانتقالية الراهنة والاستقرار السياسي العام ولن يسكت أي قبطي بعد ذلك عن حقوقه في شتي المجالات مهما حدث وأتمني من القيادة الحاكمة تفهم ذلك جيدا حتي لا تحدث فتن مصر في غني عنها.

> وكيف يتحقق ذلك وهناك حملات تخوين للأقباط واتهامهم بالعمالة؟

>> من يملك أدلة علي اثبات ذلك فليقدمها لجهات التحقيق المختلفة لتحقيق العدالة الاجتماعية دون فرق بين مسلم ومسيحي الكلام كثير والحكايات أكثر وليس لأقباط مصر أي علاقة بأقباط المهجر ومطالبهم بالتدخل الأجنبي في شئون مصر والمسلمون يعلمون ذلك جيداً قبل المسيحيين، الأقباط وطنيون حتي النخاع ولا يستطيع أحد انكار ذلك.

> ولماذا لا تفضل التعامل مع الدكتور محمد سليم العوا؟

>> لست قابلا للتعامل معه طوال حياتي لأنه لم يكن موفقا في كتاباته وأحاديثه الإعلامية خاصة أنه كان قاسيا بصورة مبالغة علي الشعب القبطي والأقباط لن يقبلوا بأي حال من الأحوال وجود شخص مثله في انتخابات الرئاسة.

> هل تخشي من صعود التيارات الإسلامية للحكم؟

>> هذه الدولة سيحكمها شخص مدني ولن تكون بأي حال من الأحوال دولة دينية تسير حسب أهواء ومعتقدات شخصية، كما أن المجلس العسكري قالها صراحة علي لسان الفريق سامي عنان إن مصر دولة مدنية وستبقي وأيضاً قالها الدكتور علي السلمي نائب رئيس مجلس الوزراء.

وإذا صعد الإسلاميون المتشددون للحكم سيصعد أيضاً المسيحيون المتشددون وتضيع مصر وسط معتقدات دينية متصلبة ومتحجرة.

> هل تري أن الحكم في مصر يساند الاتجاه الديني وهذا ضد مستقبل الأقباط؟

>> المفكرون الإسلاميون هم الذين يساندون الاتجاه الديني ويروجون له في وسائل الإعلام المختلفة لكنني اعتقد أن أجهزة الحكم في مصر لا تنوي ولا ترغب من الأساس في التعامل مع التيارات الدينية المختلفة لكنها فرضت عليهم رغم أنوفهم لأن الوضع الراهن لا يحتمل التناحرات أو الانشقاقات أو إقصاء فصيل دون الآخر.

> ولماذا ترشح الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح للرئاسة رغم خلفيته الإخوانية؟

>> اختياري للدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح رئيساً لمصر في المرحلة الراهنة اختيار شخصي لا يحسب علي رأي هيئة الأقباط العامة لأنه صديق عمري بالإضافة إلي عقله المتزن وإيمانه بعدم جدية الدولة الدينية وانفتاحه علي المجتمع وقبوله للآخر وتعامله مع جميع الأمور من منظور واحد.

> لكن برغم انفصال أبوالفتوح عن الإخوان إلا أن الغالبية لا تصدقه؟

>> أنا أصدقه وأؤمن به والحرية للجميع لا أجبر أحدا علي اختياره لكني أعتبره «زينة الزينة من بين المرشحين».