الاثنين، 17 أكتوبر 2011

أبو العلا ماضي: الإسلام ليس هو الحل


كتب:طارق الكرداوى
أبرزت صحيفة نيويورك تايمز، المشوار السياسي للناشط أبو العلا ماضي، مؤسس حزب ''الوسط''، وعلاقته بجماعة الإخوان المسلمين التي انشق عنها، ومحاربته من قبل النظام السابق، في تقرير ربما يكون اخطر ما فيه هو ما جاء على لسان ماضي بقوله ''إن الإسلام ليس هو الحل وإنما الوسطية إلى الحل''، في إشارة لرفضه شعار جماعة الإخوان المسلمين.

ووصفت الصحيفة ماضي بأنه: أيوب الأحزاب المصرية ، ، الشاب صاحب فكرة إنشاء حزب من شأنه أن يجيب عن تساؤل سيطر على السياسات العربية لأجيال، كيف يمكن أن يصبح الإسلام السياسي هو الاتجاه السياسي السائد؟، مشيرة إلى أن ماضي راودته الفكرة نفسها في أعوام 1998 و2004 و2009؛ وقوبلت كل محاولة منه لطرح الفكرة بالرفض من قبل الحكومة التي كانت تنظر إليها على أنها نوع من التحريض على الفتنة والعصيان، لكن صبر ماضي أتى بثماره، حينما تمكن أخيرا من الحصول على موافقة على تشكيل الحزب في فبراير .

ونقلت عن ماضي وصفه اللحظة التي وجد نفسه فيها يقف على أعتاب حقبة جديدة من السياسات المصرية، مفعمة بالآمال ومحفوفة بالمخاطر، مع انتخابات مزمع إجراؤها الشهر المقبل لبداية عملية تشكيل دستور جديد ورئيس جديد بقوله :'' انه ربما يلعب لعبة جولف، كل رمية فيها تقرب حزبه من هدف تحقيق نصر انتخابي هذا الربيع، أو ربما يكون حزبه بمثابة مبتكر على غرار شركة أبل، يستعرض سمات طبقة سياسية من العصر الحجري القديم تعوزها الأفكار ، وربما يكون التشبيه الأكثر ملاءمة- بحسب الصحيفة- هو إشارته إلى أنه هو ورفاقه يمثلون فرق كوماندوز تحاول منذ سنوات عديدة كسر حائط قوضت أركانه في النهاية تماما خلال 18 يوما فقط في يناير الماضي .

وأضاف التقرير: ربما لا يكون هناك تحد يواجه الثورات والانتفاضات العربية أكبر من كيفية تعامل كيان سياسي ناشئ في الشرق الأوسط مع ظهور الجماعات الإسلامية بقوة، وطالما سيطر هذا السؤال على ماضي، الذي لم يفقد مطلقا تفاؤله باحتمالية أن تحتضن الديمقراطية الإسلام السياسي بين جعبتها فحسب، بل بحتمية حدوث ذلك ، غير أن أفكاره التي بدت على درجة عالية من الابتكار والإبداع في عام 1996، حينما انفصل عن جماعة الإخوان المسلمين، مما أشعل خلافا حادا ما زال مستمرا حتى اليوم، أصبحت عماد العديد من الأحزاب الإسلامية في مصر وفي دول أخرى، وعلى رأس هذه الأفكار قبول الائتلافات التي تضم أحزاب علمانية، وتوظيف الديمقراطية كوسيلة للتغير والمساواة بين المسلمين والمسيحيين والتفسير الليبرالي للقانون الإسلامي وتأسيس نظام يكفل التعددية وسيادة القانون، بعبارة أخرى، ربما يكون نجاحه في حد ذاته سببا في جعله غير متوافق مع المناخ السائد.

وبحسب الصحيفة، فإن هناك قدر أكبر من التنوع في سياق الإسلام السياسي، حيث إن الأصوات المتشددة التي كانت مقموعة في ظل النظام السابق تسعى لانتزاع مكاسب في ظل النظام الجديد، حتى لو ظلت متمسكة بآرائها المتطرف، وقد تصاعد التوتر الطائفي بشكل خطير، إذ يشكك المسيحيون في صدق نيات الإسلاميين أصحاب أفضل النيات؛ وليس الشقاق بين الإسلاميين والعلمانيين على درجة الأقل من العمق، ووسط كل هذا التنافر، في سياق المشهد المتقلب، الذي يبدو غير متوقع مثلما كان حال مصر قبل الثورة، ربما يخبو صوت ماضي مجددا .

وأضاف التقرير: ماضي الذى أتى من جيل وعصر تجرع أفراده مرارة الهزيمة الساحقة في حرب 1967 ضد إسرائيل، تلك اللحظة التي أصابت معظم دول المنطقة بخيبة الأمل من مفهوم القومية العربية العلمانية الذي كان مهيمنا في تلك الفترة ، وفي الجامعة، في مسقط رأسه بجنوب مصر، انجذب للتيارات الإسلامية وسرعان ما وجد نفسه في السجن أو مطاردا (اختبأ في إحدى المرات في الصحراء لمدة 10 أشهر، وتخفى في زي عامل لحام)؛ وعمل بشكل سري في البداية، ثم بشكل معلن، مع جماعة الإخوان المسلمين، مجموعة من النشطاء الشباب الذين ساعدوا في إحياء حركة انطفأت جذوتها بفعل إجراءات القمع الوحشية .

وقال ماضي، حسب ما أوردته كبرى الصحف الأمريكية، إنه في السنوات التالية، أخذ نجم الحرس القديم للجماعة في الصعود، ونتيجة لشعوره هو وآخرين بحالة من الإحباط، انشقوا عن الجماعة في عام 1996. ونفر من أساليب جماعة الإخوان المتبعة في محاولة جذب أعضاء جدد للجماعة بكل أساليب الإغراء الممكنة، وانتقد النظام الهرمي للجماعة ومبدأ القبضة الحديدية الذي تتبعه، وفي تحد لحركة تنفر من الانشقاقات المعلنة، أعلن عن عزمه تشكيل حزب '' الوسط''.

وتابعت الصحيفة، أن النتائج جاءت ممثلة في واحدة من أكثر اللحظات غير المعتادة في السياسات الإسلامية المصرية، ففي قاعات المحاكم، تحالفت الحكومة مع عدوها، جماعة الإخوان المسلمين، من أجل منع الاعتراف بحزب الوسط؛ وفي إحدى جلسات المحكمة التي عقدت في عام 1997، أخبر أحد محامي ماضي ممثلا لجماعة الإخوان بأن '' التاريخ لن يغفر لهم ''.

وقالت الصحيفة: في هذه الأيام، ما زال أبو العلا ماضي يحاول العمل كحلقة وصل بين الإسلاميين والعلمانيين، من خلال مساعدته في صياغة مجموعة مبادئ مشتركة أحدها هو المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات، وعلى الرغم من أن برنامج حزبه ينادي بتطبيق الشريعة الإسلامية حتى لو تم تفسيره بشكل ليبرالي توافقي، فإنه يرفض مسمى '' إسلامي '' ويفضل تسميته بـ '' الوسطي''.

واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول: يروق له وصف مصر قبل الثورة بأنها كانت دولة مدنية إسلامية فاسدة ديكتاتورية، وهو لا يطمح في تغيير طبيعتها المدنية أو الإسلامية؛ فالدستور ينص بشكل واضح على أن الإسلام هو دين الدولة ويرسخ القانون الإسلامي بوصفه المصدر الرئيسي للتشريع، إنه يرغب في جعل الدولة المصرية متفتحة وديمقراطية ومتقدمة .

ليست هناك تعليقات: