الجمعة، 14 أكتوبر 2011

وزير الزراعة الأسبق يكشف ل " طارق الكرداوى:": رفضت مبيداتهم المسرطنة وسعيت للاكتفاء الذاتي من القمح فطردوني






كشف المهندس أحمد الليثى، وزير الزراعة المصري الأسبق، أن تحالف رجال أعمال جمال مبارك مع السلطة كان من أهم الأسباب التي ساهمت خلال العقد الأخير في القضاء علي الزراعة المصرية، وأدت إلي أقالته من موقعه كوزير.
مبرراً أسباب تلك الإقالة بأنه كان قد بدأ يضع يده على نقاط في منتهى الخطورة بمجالات الزراعة، ومن بينها "كارثة استيراد واستخدام المبيدات الزراعية المسرطنة، وما ألحقته بالمجتمع الزراعي المصري من آثار مدمرة، علاوة على سعيه إلي تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح.

وأوضح الليثي، في حواره مع " طارق الكرداوى " أن القيادة السياسية وقتها والتي أفسحت المجال أمام ميليشيات الفساد وقامت بتلبية ضغوط الخارج لم يكن أمامها سوى إزاحتي من منصبي، مؤكدا أنه راضٍ تمامًا عن الفترة التي قضاها في الوزارة. وإلى نص الحوار:

طارق الكرداوى : كان خروجك من الوزارة مفاجأة للكثيرين كيف كان الخروج ؟
الليثي: الخروج كان بالنسبة لي متوقعا ولاسيما أنني استشعرت ذلك من خلال اجتماعات مجلس الوزراء، وشعرت بأن توجهاتي في الفكر الزراعي كانت مختلفة عما سبق تماما، وشعرت من خلال ذلك بأنني لست من المعمرين في الوزارة.
طارق الكرداوى: كيف؟
الليثي: ببساطة شديدة عندما تحدثت عن كيفية تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح كأنني ألقيت بقنبلة في وجه الحكومة والقرار السيادي في ذلك الوقت، ولم أكن أعرف أن هذا الأمر سوف يكشف ويعطل مصالح الكثيرين من أصحاب القرار وتقوم الدنيا ضدي من أجنحة كثيرة في القيادة السياسية.
طارق الكرداوى : وكيف كان شعورك في طرح هذا الموضوع؟
الليثي: كان شعورًا زاهيًا ومملوءًا بالسعادة؛ لأنني شعرت بأنني قد وضعت يدي على أصل المعاناة التي كانت تؤرق المصريين جميعا، وهى أزمة الخبز وعدم تحقيق الاكتفاء الذاتي منه؛ ولكن ما رأيته أصابني بصدمة.
طارق الكرداوى: وهل مازال هذا الموضوع في ذاكرتك؟! وكيف تراه بعد الثورة؟

الليثي: يا سيدتي الفاضلة الموضوع في ذهني كأنه حدث بالأمس، رغم أنني خرجت من الوزارة منذ حوالي خمس سنوات؛ لكن قصة الاكتفاء الذاتي من القمح أعيشها؛ لأنها تمثل لقمة العيش الكريمة بالنسبة لأبنائي وأحفادي خلال السنوات القادمة بعيدًا عن التذلل للآخرين، فكيف لا أتذكره، هذا موضوع مصيري بالنسبة لمصر.

طارق الكرداوى :لكن من المسئول عن تدهور زراعة القمح بهذا الشكل؟

الليثي: باختصار شديد معظم السياسات التي كانت متبعة في هذا المجال تسببت في تدهور هذا المحصول بشكل يحزن كل مواطن يحب بلده. ولكن الدكتور أحمد نظيف كتب شهادة وفاة الزراعة المصرية ولاسيما محصول القمح.

طارق الكرداوى : لكنك لم تتحدث عن موضوع المبيدات المسرطنة وحقيقتها في مصر؟

الليثي: من الذي قال هذا، أنا أعلنت ذلك صراحة، وقلت بـ"الفم المليان": المبيدات المسرطنة دخلت مصر، وكان ذلك عام 2005، وأحلت الموضوع لجهات التحقيق، وأعتقد أن هذا الموضوع كان من أسباب عدم استمراري في الحكومة، يعنى باختصار شديد كان الحديث عن القمح والمبيدات المسرطنة سببين رئيسيين لخروجي من الوزارة، ولم أحزن لذلك، بل بالعكس شعرت بأننى قلت كلمتي والتي لابد أن الأجيال القادمة ستدرك قيمة ما قلته.

طارق الكرداوى: وما الإحساس الذي صاحبك بعد قرار خروجك من الوزارة في ذلك الوقت؟

الليثي: بالطبع كنت حزينا؛ ليس لأنني خرجت من الوزارة؛ ولكن بسبب السياسة التي تدار بها مصر، والتي كانت ترفض معظم الأفكار التي كانت كفيلة بوضع مصر في صورة أفضل من ذلك.

محيط : الدكتور محمد البرادعي، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، طالب بضرورة الاهتمام بالفلاح المصري؛ لأنه بمثابة عصب الحياة الزراعية. فكيف ترى هذا الكلام؟

الليثي: هذه حقيقة؛ لأن الفلاح في القرية يمثل 75% من عدد السكان، وهى نسبة كبيرة جدا، وعندما يختفي دور الفلاح بسبب سياسات خاطئة تدار بها الزراعة، فإنه سيهجر الزراعة ويتجه لطريق آخر غير مهنته الأصلية، وبالتالي فإن مصر تفقد وتهمل هذه النسبة الكبيرة، والتي تتحول إلى قوة إنتاجية عاطلة، وهذه مأساة مصر الحقيقية، إن دور الفلاح بدأ يتلاشى وبات يعمل بربع طاقته، وهذا أمر خطير، والقوانين المتعلقة بالزراعة التي صدرت خلال السنوات الماضية- وإن شئت الدقة- خلال السنوات الخمسين الماضية، قللت من قدرة وإنتاجية الفلاح.

طارق الكرداوى : في تصورك، ما الذي دفع الحكومة لذلك؟

الليثي: باختصار شديد، هذا الأمر يرجع لسببين رئيسيين: هما عدم فهم القائم على سياسة الزراعة من ناحية، والأخرى أن القوة التي كانت موجودة من رجال الأعمال في الحكومة قضت- بقصد أو بدون- على الزراعة في مصر؛ لأنهم كانوا يميلون أكثر إلى الاستيراد، وهذا الأمر فيه مكاسب عديدة لبعض الأشخاص، وبالطبع كان على حساب تدهور الاقتصاد القومي، وهى فئة كانت موجودة وتعمل بقوة في هذا الإطار.

طارق الكرداوى : لكن كيف أثر ذلك بشكل مباشر على الفلاح والزراعة؟

الليثي: يا سيدتى، أبسط شيء تأثيره في التقاوي المستوردة، والتي كانت تفوق قدرة الفلاح، وكانت تؤدى إلى خسارة بالنسبة له، فتلك التقاوي تأتي بأسعار عالية مما جعله يبتعد مع الوقت عن الزراعة ويفضل المستورد في كافة احتياجاته، وهى سياسة تقوض الاقتصاد المصري بشكل سريع، ومن ثم فإن الانهيار في معظم الزراعات لم يكن مفاجأة.

طارق الكرداوى : ولماذا تدهورت أيضا صناعة النسيج في السنوات الأخيرة بشكل غير مسبوق؟

الليثي: كل السياسات الزراعية التي كانت سائدة في العهد البائد كانت تعني أن الزراعة لدينا تحتضر، والصناعة بطبيعة الحال امتداد طبيعي للزراعة، ونحن بلد زراعية وغالبية الصناعة لدينا قائمة عليها، ويكفى بمناسبة الحديث عن تدهور صناعة النسيج أن المواطن في مصر لابد أن يعرف أن زراعة محصول مثل القطن وهو المنوط به هذه الزراعة انخفضت زراعته من 750 ألف فدان إلى 160 ألف فدان في عهد أمين أباظة وزير الزراعة الأسبق، كل ذلك شجع على هجرة الفلاح واندثار تلك الصناعات والتي كانت مصر تفتخر بها أمام الدول المحيطة، وشجع بالتالي على الاستيراد بشكل يقتل كل شيء يمكن أن يعود بتلك الصناعة.

ليست هناك تعليقات: