الخميس، 23 يونيو 2011


قصص وأسرار زواج القاصرات في مصر!!
إعداد: طارق الكرداوى

النخاسة.. بيع الرقيق.. الاستعباد.. الاتجار بالبشر.. أسماء متعددة يتم تداولها في عدد من وسائل الإعلام، لكن هذه المسميات التي إذا اختلفت معانيها إلا أنها تعبر عن التجارة الأحقر على مستوى العالم.. ومما لا شك فيه أنها تتطور مثل باقي الجرائم لتتحول إلى نوع تشوبه الشبهات والمحرمات وترفضه العادات والاعراف إلا أن بعض فاعليها لا يبقى أمامهم سوى الحسرة والندم.



زواج القاصرات من البنات لمن يدفع أكثر هو النوع الاكثر شيوعا في عدد من المناطق المصرية وخصوصا الريفي الفقير منها وتشتهر الحوامدية القريبة من الجيزة بقراها التي امتهنت النخاسة أو التجارة في اطفالها البنات لإشباع رغبات سواء كانت سوية أو شاذة للقادمين من دول الخليج العربي بعقد عرفي محدد المدة.. ويختلف السعر الذي يتقاضاه من هو مفترض أنه أب أو ولي أمر لهذه الفتاة.. وحكايات الزواج السياحي بالرغم من قسوتها إلا أنها شيقة جدا تجعلنا نتعرف على نخاسة القرن الحادي والعشرين وكأننا نعيش في العصور الجاهلية.



سيارة ولقاء فى الأجازة!!


عزة فتاة في الثامنة عشرة من عمرها تتميز بملامح ريفية جميلة.. تضع بعض مساحيق التجميل على وجهها وترتدي ملابس عصرية.. تزوجت من ثلاثة رجال في أقل من عام ونصف، كانت المرة الاولى لها وهي في السادسة عشرة من عمرها تقريبا حين أتى السمسار لوالدها ومعه رجل خليجي عاشرها معاشرة الازواج ما يقرب من شهرين ونصف قضاهم في شقة كان يستأجرها كما استأجر فتاة لتملأ عليه فراغا من نوع خاص.. كان ذلك بعد أن دفع لوالدها ما يقرب من 10 آلاف جنيه.. عزة تقول إن المرة الاولى كانت الاكثر قسوة بسبب عدم اداركها لكثير من الامور.. لكن في المرتين الاخريين كنت تعلمت كيف اتعامل مع ازواجي وكيف آخذ منهم ما أريد من هدايا وأموال.



وتقول إن زوجها الاخير كان عمره يناهز الخامسة والخمسين وكان ثريا جدا وتمكنت من أن تجعله يشتري لها سيارة باسمها ووعدها بلقاء آخر في اجازة الصيف هذا العام.. وتختتم عزة كلامها ببعض الدموع والحسرة لانها كانت تريد أن تكون مثل باقي البنات تعيش حياة طبيعية مع زوج يحافظ عليها ويكون ستراً لها وليس من أجل جسدها فقط ولمدة محددة مسبقاً.



أما نهى أحمد فهى تبلغ من العمر 14 عاماً.. تروي حكايتها بأن والدها تعرف على رجل عربي عن طريق أحد السماسرة.. في أحد الأيام طلب والدى مني التزين قائلاً لى سنذهب اليوم لزيارة أحد المعارف.. ثم استقلينا تاكسيا وكانت أول مرة أركب فيها التاكسي.. وصلنا إلى إحدى العمارات الكبيرة بالقاهرة ودخلنا إلى شقة واسعة مثل التي تظهر في المسلسلات.. عفش فخم وسجاجيد.. ودخل علينا رجل تجاوز الخمسين يتحدث بلهجة خليجية.. سلم علىّ وكان يتفحصني وقال لوالدي "من وين جبت هالقمر يا أحمد".. وأخرج الرجل مبلغاً من المال كان من فئة الورقة أم 200 جنيه واعطاها لوالدي حوالي ألف جنيه.



كرهت الرجالة!!


وتستكمل نهى: عدت أنا ووالدي إلى البيت وجلس معي هو ووالدتي بعد أن اشترى لنا كباب.. وقال لي "الراجل اللي روحنا له ده هتتجوزيه وهو راجل طيب.. ده هيشغلني وهتسكني معاه في الشقة الكبيرة دي.. وكمان عشان اخواتك التسعة انا راجل ارزقي والحال على القد".. لم افهم ما سيحدث إلا أننا في اليوم التالي ذهبنا إلى محام وكتب العقد واحتفظ والدى بنسخة والعريس بنسخة أخرى.. وتقول باكية: "تزوجته وكانت أسوأ أيام حياتى.. فكان يعاملنى وكأنه اشتراني.. ويضربني ويسبني وكان يفعل حاجات كتير وحشه وبعدين عرفت انه عمل حاجات حرام كتير ده غير انه كان على طول بيشرب خمرة.. لقد كرهت كل الرجالة حتى ابويا كرهته".



سمر تروي حكاية تشبه حكايات الف ليلة وليلة.. فهي تبلغ من العمر 19 سنة خرجت من التعليم في المرحلة الابتدائية وتحديدا في ثالثة ابتدائي.. بعد ان توفي والدها وترك لها ولوالدتها سبعة اطفال تزوجت منذ ثلاث سنوات تقريبا بعد أن كانت تعمل في احد المصانع الصغيرة الموجودة بالقرب من منزلها في احدى المناطق العشوائية.. وافقت على الزواج بعد إلحاح السمسار عليها ذهابا وايابا.. وبالفعل وافقت بسبب الحالة الاقتصادية وكانت مدة الزواج أربعة شهور وهى مدة أجازة خليجي في الاربعينيات من العمر أتى في اجازة.



تقول: كنت قد سمعت العديد من الحكايات من زميلاتي اللاتي سبق لهن الزواج بهذه الطريقة.. وكنت خائفة من التجربة إلا أنني تمكنت من أن يكون الاتفاق على كل شئ قبل أى شئ.. وبالفعل أخدت منه مبلغاً كبيراً من المال وكان يعاملني بقسوة وعنف كما أنه كان دائما يضربني وكنت أصبر نفسي دوما بأن الأربعة أشهر ليست مدة طويلة وقبل أن يسافر بحوالي أسبوعين اكتشفت أنني حامل منه.. قطع اجازته حين واجهته بالحقيقة ولا اعرف له مكاناً.. ذهبت للسمسار ثم للمحامي ولكن دون جدوي، حتى اسمه المدون في العقد غير صحيح.. والمحامي قال لي لا يوجد ما يثبت ان حملي منه.. عدت إلى عملي وأنا أربي ابني والندم يحاصرني كلما نظرت لوجه طفلي الذي لا ذنب له فيما حدث.



عدم الإنجاب .. شرط اجبارى


قصة أخرى يحكيها محمد سليمان، حيث يقول: لقد اغرانا رجل عربي وسمسار معروف عنه تسهيل الزواج السياحي لكي يتزوج من ابنتي.. وبالرغم من رفضي أكثر من مرة الا أنني وافقت على مدة ثلاثة شهور وتقاضيت مبلغاً من المال وأخد السمسار عمولته وكتبنا عقداً عند المحامي.. واشترط على ابنتى عدم الإنجاب منه.. وبالرغم من أنه كان يعاملها معاملة ممتازة إلا أنها حين اخبرته أنها حامل.. سافر إلى بلده.. ضميري يأنبي واشعر اني بعت ابنتي بلا رحمة.



مناهضة زواج القاصرات


وبسؤال الناشطة والحقوقية عزة الجزار بمؤسسة مشروع مناهضة زواج القاصرات، أكدت أن الظاهرة منتشرة وبدأت تجتاح المجتمع المصري، وأنه لم يتم رصد دقيق لبداية انتشارها لكنها مع بداية التسعينيات من القرن الماضي انتشرت وبشكل مكثف بالمحافظات المختلفة، مؤكدة أن الزواج السياحي تبدأ مدته من ثلاث ليالٍ إلى سنة تقريبا.. والسبب الاساسي في الانتشار هم السماسرة الذين يمتهنون هذه المهنة بشكل أساسي.



وتؤكد أن الخطورة تظهر من عقد الزواج الذى تتزوج به الفتاة والذي في الغالب لا يكتب فيه الاسم الحقيقي للزوج.. وتظهر المشكلة في حالة وقوع حمل ناتج عن هذه العلاقة.. وهو الأمر الذي يصعب أو يستحيل اثباته.



وأشارت الجزار إلى أن الفتيات في الغالب يستخدمن وسائل منع الحمل في السن المبكرة تتراوح بين 14 سنة إلى 25 سنة مما يؤثر بشكل كبير سلباً على صحتهن الإنجابية وقدرتهن على الانجاب بالاضافة للاضطرابات الهرمونية التي تحدث بسبب العقاقير.



وأوضحت أن الفئات العمرية ما بين 12 و16 عاما هى الأكثر طلبا في نظام الزواج السياحى وتمثل هذه الفئة 67% تليها الفئة العمرية من 16ـ 18 فى المرتبة الثانية بنسبة 33% من إجمالى العينة.



وارجعت الجزار اتجاه الاسر للزواج السياحي إلى الفقر الذي تبلغ نسبته 80% بينما 5% من هذا الزواج يكون الدافع هو البحث عن الثراء السريع، وتؤكد أن الكارثة أن الفتاة تظل تتزوج دون مراعاة حتى لشهور العدة أو أى اعراف فبعض الحالات التي رصدتها دراستها كانت تتزوج بمعدل كل شهر تقريبا من رجل مختلف او كلما انتهت مدة العقد، وتشير إلى أن هذه الحالات منتشرة وتمثل نسبة كبيرة بين الفتيات مما يصيبهن بأمراض خطيرة جدا ويصل بعضها إلى الوفاة.

ليست هناك تعليقات: