الاثنين، 7 مارس 2011

أنت مسلم ولا مسيحي.. يا سيدي كلنا في الهم مصريون!!
















كتب : طارق الكرداوى
أسوأ خبر قرأته منذ نجاح ثورة 25 يناير وفضح رموز الفساد كان عن الأحداث المؤسفة التي اندلعت بين مسلمين ومسيحيين بقرية أطفيح، محافظة حلوان، والتي تطورت إلى مقتل شخصين وتخريب كنيسة الشهيدين.
وقد تبع هذه الأحداث تظاهرات ضمت آلاف المسيحيين وانضم إليهم المسلمون أمام مقر الإذاعة والتليفزيون للمطالبة بتعقب الجناة المسئولين عن مؤامرات إشعال الفتنة الطائفية بين عنصري الأمة اللذين جمعهما ميدان التحرير وألفت بين قلوبهم صلوات الغائب على أرواح الشهداء من الجانبين.
نعم لقد توحدت مصر على قلب رجل واحد أيام الثورة وكان الأقباط يحمون إخوانهم المسلمين خلا تأديتهم للصلاة وفي المقابل كان المسلمون يؤمنون قداس إخوانهم الأقباط، بل أن الجميع سجدوا لله شكرا على نجاح الهدف الأسمى وهو إسقاط دولة الظلم والفساد.
لهذا تثور عدة تساؤلات ربما تقود للجنون أحيانا، ما الذي حدث لعودة لغة الكراهية بين أقباط مصر، مسلميها ومسيحييها، وهل هناك أصابع شيطانية تسعى لبث روح الفتنة الطائفية لتفريق الوحدة الوطنية، وما هو الهدف الخبيث من إثارة تلك النعرات في مثل هذا الوقت البالغ الحساسية الذي نكون فيه أحوج للم الشمل؟!
والواقع أن حادثة أطفيح الأخيرة لا تعدو كونها حادثة فردية كثيرا ما تتكرر في أي مجتمع بحكم التقارب الاجتماعي، فكم من علاقة عاطفية نشأت بين مسلمين ومسيحيين أو العكس، فلم يكن الخلاف مثلا حول مسألة مذهبية أو عقائدية، وكان يمكن تداركها في إطار عرفي بعيدا عن لغة الرصاص.
حيث تفيد المعلومات بوقوع مشاجرة بقرية "صول" التابعة لمركز شرطة أطفيح بمحافظة حلوان بين مزارع "طرف أول" واثنين من أقاربه أحدهما تاجر فاكهة والآخر تاجر دواجن "طرف ثاني" وجميعهم من المسلمين بسبب عدم انتقام المزارع من تاجر مسيحي على علاقة بنجلته.
وتطورت المشاجرة إلى تبادل لإطلاق النار بين الطرفين مما أسفر عن وفاة المزارع "والد الفتاة" وتاجر الفاكهة وإصابة تاجر الدواجن..وعقب انتهاء إجراءات دفن المتوفيين تجمعت أعداد كبيرة من أهالي القرية وتوجهوا إلى كنيسة الشهيدين الكائنة بها احتجاجا على العلاقة المشار إليها إلا أن بعض العناصر صعدت من أعمالها الانتقامية وقامت بإشعال النيران بالكنيسة واقتحامها وإتلاف محتوياتها.
ورغم تعهد القوات المسلحة على رأس قائدها العام المشير حسين طنطاوي بإعادة بناء الكنيسة من الألف إلى الياء فإن أحدا لا يعلم إن كان هذا سيكون كفيلا بإخماد حمأة النار التي تقبع تحت الرماد أم أنه مجرد حل مؤقت لمسائل خلافية طال انتظار إيجاد حلول جذرية لها.
ومن جانبه دعا الدكتور محمد عبد المنعم البري الأستاذ بكلية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر، كافة المصريين مسلمين ومسيحيين إلى استلهام روح ميدان التحرير الذي لم يكن يفرق بين مسلم ومسيحي، فالتعامل كان على أساس المواطنة وتحقيق هدف كل المصريين.
ويستطرد د. البري في تصريحاته لمجلة آخر ساعة، لقد التقيت مع بعض المسيحيين وقلت لهم باسم القرآن وباسم الإسلام وباسم محمد صلى الله عليه وسلم أفخر وقال: "أعتز بأني مؤمن بالمسيح وبالكتاب الذي أنزله الله عليه، كما أنني أفخر وأعتز بأنني مؤمن بموسى وبأخيه هارون وبالكتاب الذي أنزله الله عليه".
ويؤكد الشيخ مظهر شاهين إمام مسجد عمر مكرم أن الكل تكاتف في ميدان التحرير حول هدف واحد هو تغيير النظام، حيث وجدت الشباب يؤدون الصلاة في وقتها ووجدتهم متحمسين من أجل الوطن، مشيرا إلى أن مشهد الناس في الميدان، مشرف لكل مصري، حيث المشهد لا يفرق بين مسلم ومسيحي الكل ينضوي تحت علم مصر.
رجال الدين المسيحي الذين التقيناهم في الميدان، طلبوا عدم التعريف بأنفسهم وذلك حتى لا تسألهم الكنيسة التي تلزم أبناءها بعدم التظاهر، فقد أكدوا أن المسلمين والمسيحيين في ميدان التحرير كانوا على قلب رجل واحد وهو التغيير والإصلاح وأن يشعر المواطن المصري بحريته وكرامته.
فأكثر ثروة يمكن أن ينعم بها أي إنسان هي ثروة الاستقرار والعدالة، فميدان التحرير لا يفرق بين المتظاهرين بحسب الدين أو الجنس فالكل جاء من أجل مصر".

ليست هناك تعليقات: