الاثنين، 4 أبريل 2011
السلفيون أخطر من اليهود!
كتب : طارق الكرداوى
الحياة السياسية في مصر تحولت خلال الأيام القليلة الماضية وتحديدا بعد رحيل الرئيس السابق محمد حسني مبارك ومن ورائه غالبية حملة أختام نظامه السابق أيضا لما يشبه المسرحيات الكوميدية المستهلكة التي لا تقدم إلا الضحك ، وتحولت غالبية القوي السياسية لمهرجين طليت وجوههم بالأصباغ والألوان التي أخفت وراءها مطالب وأحلاماً ظل غالبيتها بعيدا عن الأرضية السياسية التي ظل يحتكرها ويحكمها ويتحكم فيها الحزب الوطني وعدد غير قليل من الكومبارس السياسي ، ولعل ما تشهده الساحة في الآونة الأخيرة سواء من ناحية صعود الإخوان أو خروج عدد من رموز التيار الإسلامي من وراء الأسوار نوع من الكوميديا السوداء التي ستساهم في إفشال وإجهاض التجربة الديمقراطية التي رسمها ونفذها ثوار ميدان التحرير ،ورغم هذا إلا أن سطوع نجم وعلو صوت الصوفية خلال الأسابيع الماضية يعتبر هو الحدث الأكثر جذبا للأنظار فمريدو أولياء الله الصالحين الذين ظلوا يلعبون دور الزاهد والرافض للعبة السياسية وألاعبيها القذرة خرجوا بعد سنوات من البقاء والتدثر في عباءة النظام السابق ليعلنوا عن وجودهم بطريقة كوميدية أدهشت الجميع بصورة منعت عدداً كبيراً من المحللين والخبراء السياسيين من تقديم قراءة واقعية وواضحة لمستقبل البيت الصوفي الذي تصدع خلال الأشهر الماضية بسبب صراعات أبنائه ـ الدائمة ـ علي مقعد شيخ المشايخ ، وهو الصراع الذي ساهم بقدر كبير في أن يصبح للصوفيين موضع قدم وساق داخل العمل السياسي، وأصبح الشيخ داعية سياسي والمريد تحول من محب لآل البيت لمطالب بموقع وإصلاح سياسي .
كما استطاع السلفيون وغالبية الجماعات المحسوبة علي التيار الإسلامي أن تجد لها مكاناً في ميدان التحرير لم يترك " الصوفيون " الفرصة تمر عليهم مرور الكرام فقد خرج عدد كبير منهم وفي مقدمتهم شيخ مشايخ الطرق الصوفية الذي ظل منذ وصوله للمنصب " الأزمة " مدافعا قويا عن وجوده وشرعيته التي شككت فيها غالبية الطرق الصوفية وأعلنت رفضها علانية تدخل أمين التنظيم السابق " أحمد عز " وفرضه " القصبي " شيخا عليهم وهو الأمر الذي ترتب عليه وقتها خروج عدد من المشايخ من تحت عباءة شيخ المشايخ الجديد وتحريك عدة دعاوي قضائية تطالب بإسقاطه لأنه لم يلتزم بالعرف السائد في عملية اختيار شيخ المشايخ والذي يقضي بأن يحصل علي المنصب أكبرهم سنا وهو الأمر الذي كان ينطبق تماماً علي شيخ الطريقة العزمية «علاء ماضي أبو العزايم» الذي رفض خلال الشهور الماضية الاعتراف بالقصبي شيخا له، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل لم يترك «أبو العزايم» فرصة ولم يعلن فيها رفضه لمشيخة القصبي، غير أن أحداث 25 يناير والظهور السلفي ساهم بقدر كبير في تراجع الخلافات وتوحيد الصف الصوفي ضد الدعوات السلفية المناهضة للتعاليم والتقاليد الصوفية خاصة فيما يتعلق بأزمة الأضرحة التي أشعلت حربها من جديد بعد قيام عدد من السلفيين بهدم ضريح لشيخ صوفي في إحدي القري التابعة لمحافظة الغربية وهو الأمر الذي جعل الصوفيين يدقون طبول الحرب ضد كل ما هو سلفي ، وقد جاءت تصريحات الشيخ محمد حسين يعقوب " شيخ مشايخ السلف " المتعلقة بما أطلق عليه " غزوة الصناديق " لتزيد حالة التوتر داخل حلقات الذكر الصوفي والتي خرج دراويشها ليعلنوا عن مليونية صوفية أمام مسجد " الحسين " وفي يوم الاحتفال بمولده ضد دعوات السلفيين بهدم الأضرحة .
الجدير بالذكر أن إعلان الشيخ " علاء أبو العزايم " رفضه لمليونية الصوفية لم يمنعه سابقا من الدخول في حرب مع السلفية وذلك عقب اتهامه لجماعة أنصار السنة المحمدية بأنها جماعة تكفيرية واتهام مؤسسها عبدالرزاق عفيفي بتكفير الحاكم ، كما اتهمت مجلة "الإسلام وطن" الناطقة باسم جماعة آل العزايم أنصار السنة المحمدية بتبني الخط التكفيري بدليل أن الدكتور - أيمن الظواهري- زعيم تنظيم الجهاد ونائب رئيس تنظيم القاعدة - نشأ وتربي في كنف ورعاية أنصار السنة المحمدية.
وقد تسببت اتهامات الطريقة العزمية في غضب عارم لأنصار السنة المحمدية الذين عقدوا اجتماعا طارئا للتصدي لاتهامات آل العزايم .
والحرب بين الصوفية و السلفيين لا تنتهي أبدا وهي متجددة دائما علي الصعيد الفكري و الفقهي وحالة الخصومة بين الطرفين تصل إلي حد قيام الصوفية و السلفيين بتكفير كل طرف للآخر.
وكثيراً ما شهد الشارع المصري اشتباكات بين الطرفين خاصة عندما يتناول الصوفيون مفتي السلفيين وفقيههم " ابن تيمية" ويتهمونه بالكفر،والخلاف لا يقف عند مسألة تكفير ابن تيمية ، لكن هناك خلافاً محتدماً بين الطرفين في قضايا مثل إثبات صفات الله وأمور تتعلق بالعقيدة.
ومن الاتهامات التي يوجهها السلفيون للصوفية أنهم يستخدمون "التقية" والكذب وأن الصوفية خرجت من التشيع، وأن فكرهم يعتمد علي التهييج والكذب علي الخصوم وعدم الرغبة في الحوار و المصارعة بالألفاظ بعيداً عن الحجة بالدليل و البرهان كالكتاب و السنة.
والصراع بين السلفيين والصوفية لا يقف عند القضايا الفقهية العقائدية ، بل إن الطرفين يسعي كل منهما لاستقطاب أكبر عدد من الأتباع ويري كل طرف منهما أن لديه القوة لابتلاع الآخر وإلغائه وإنهاء وجوده الي الأبد من خلال تكثيف الدعوة ومحاولة اجتذاب أتباع جدد.
ويؤكد السلفيون أن أفكارهم ومنهجهم الدعوي قائم علي صحيح الدعوة الإسلامية ويركزون علي إطلاق اللحي وتقصير الثوب للرجال ولبس النقاب للسيدات وهو الأمر الذي يراه الصوفيون أنه تركيز علي الشكل و المظهر دون الجوهر وأن السلفية هي شكل بلا روح وأنهم جماعات متشددة ومتجهمة تحتفل وتحتفي بالطقوس علي حساب الحقيقة الدينية وتتعامل مع الإسلام بشكل لا يقوم علي الحب بقدر ما يقوم علي المنفعة ، كما يتهم الصوفية السلفيين بأنهم مصابون بمرض التعالي علي المجتمع الذي يعيشون فيه ولديهم شعور زائف بالاصطفاء.
أما السلفيون فيتهمون الصوفية بممارسة الشرك الخفي وأنهم يتبركون بالأضرحة ويلجأون للأولياء الصالحين لقضاء حاجاتهم ويصل بهم الأمر إلي تقديم الولي علي النبي والإيمان بالحقيقة علي حساب الشريعة وعدم الالتزام بالفرائض المعلومة من الدين بالضرورة، كما يوجه السلفيون نقداً حاداً للسلوكيات التي تحدث في موالد الأولياء الصالحين التي يرتادونها ويحتفي بها الصوفيون ويؤكد السلفيون أن الموالد يحدث بها اختلاط بين النساء و الرجال ، مما يترتب علي ذلك شيوع أعمال الفسق و الفجور في زحام الموالد ، كما أن هذه الموالد تشهد إقامة المراقص و الملاهي التي تعتبر خروجاً فاضحاً علي أخلاق وتقاليد الدين، بالإضافة إلي الغناء و الموسيقي المحرمة والماجنة ولا يقف السلفيون عند هذه الاتهامات ، بل إنهم يتهمون الصوفية بالاحتفاء بحلقات الذكر علي حساب الصلاة ولا تخلو "مجلة التوحيد" السلفية في أي عدد من أعدادها من انتقاد الصوفية.
وقد شهدت تسعينيات القرن الماضي مواجهات شديدة بين الصوفية و السلفية ووصل الأمر الي أن الصوفية حرموا التعامل مع السلفية أو مصاهرتهم، بل إن بعض الصوفيين تبرأوا من أبنائهم الذين اعتنقوا الفكر السلفي.
كما هاجم السلفيون عددا من الأضرحة وقاموا بهدمها استناداً إلي أن الصلاة في مساجد بها أضرحة غير جائزة ومخالفة للشرع وتعتبر نوعا من الشرك، وقد شهدت هذه الفترة هجوما أيضا من السلفيين وأعضاء الجماعات الإسلامية علي عدد من الكنائس ومحال الفيديو ، الأمر الذي ساهم في المزيد من الاتحاد و التلاحم بين الحكومة و الصوفية بعد أن أصبحتا خندقاً واحداً في مواجهة تشدد الجماعات الإسلامية و السلفيين، بالإضافة إلي عنصر المصلحة المشتركة بين السلطة و الصوفيين والمتمثل في استفادة كل منهما من الآخر حيث تحتاج الحكومة دائما الصوفية لإضفاء شرعية دينية عليها خاصة أن الجماعات السلفية و الجماعات المتشددة المعتنقة للفكر الجهادي تسلب الحكومة أي شرعية دينية، كما يستفيد الصوفية دائما من مساندة وحماية السلطة في مواجهة الهجمات المسلحة التي تتعرض لها ، خاصة المساجد التي بها أضرحة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق