الخميس، 28 يونيو 2012
الثورة أجبرت واشنطن على التعامل مع الجيش والإخوان
طارق الكرداوى : شاهد على الاحراث
قالت وكالة رويترز للأنباء في تقرير لها اليوم: لم يترك المشهد الملتبس الذي تمخضت عنه الثورة المصرية خيارا أمام واشنطن إلا أن تتعامل مع اللاعبين الأساسيين في البلاد وهما الجيش والإخوان المسلمين رغم اختلافها مع الجانبين.
وأعلن يوم الأحد الماضي فوز محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين بالرئاسة في مصر. وكانت الولايات المتحدة تنأى بنفسها عن الجماعة منذ زمن طويل.
ويتسلم مرسي الرئاسة بعد أن قلم المجلس العسكري سلطات الرئيس واعتبرت قرارات المجلس الأخيرة غير ديمقراطية لكن الجيش يظل أقوى مؤسسة في البلاد.
ويدور صراع بين الجيش والإخوان المسلمين حول تقسيم السلطة في دولة بلا برلمان وبلا دستور دائم في الوقت الراهن وبلا مسار واضح للديمقراطية بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك العام الماضي وهو حليف قديم لواشنطن حظر جماعة الإخوان وقمع أعضائها.
ونتيجة لهذا يقول مسئولون أمريكيون حاليون وسابقون إن الولايات المتحدة تواجه تحديا دبلوماسيا متعدد الأبعاد. فعليها أن تتعامل مع الكل وهي تحاول الحفاظ على تعاون استراتيجي مع مصر بشأن معاهدة السلام مع إسرائيل وبشأن حرية المرور في قناة السويس في الوقت الذي تدعو فيه الى الديمقراطية في دولة أصبحت القوة المهيمنة فيها حزب إسلامي. والعمل مع الإخوان المسلمين أمر حساس بشكل خاص بالنسبة لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
ونبذت جماعة الإخوان المسلمين العنف لكن خرج من عباءتها في الماضي جماعات أخرى تبنت العنف. وشكك بعض مسئوليها في السابق في معاهدة السلام التي أبرمتها مصر مع إسرائيل عام 1979 وفي حقوق المرأة والأقليات مثل أقباط مصر.
وقال مسئول أمريكي طلب عدم الكشف عن هويته "نحن نفتح الخطوط" مع الجميع.
تبدى هذا التوجه المقصود غير المنحاز يوم الأحد الماضي حين اتخذ أوباما خطوة غير معتادة واتصل بكل من مرسي وأحمد شفيق منافس مرشح الإخوان الذي خسر سباق الرئاسة وهو قائد أسبق للقوات الجوية وآخر رئيس للوزراء في عهد مبارك.
ويقول محللو الشرق الأوسط إن قدرة الولايات المتحدة محدودة في التأثير على الأحداث في مصر وان من الأفضل لها أن تترك للجيش وللإخوان المسلمين وباقي القوى في المجتمع التكيف مع الأوضاع.
وقال روب دانين وهو مسئول في الخارجية الأمريكية خلال إدارة الرئيس السابق جورج بوش ويعمل الآن في مجلس العلاقات الخارجية "هذه قضية ليست مصنوعة في أمريكا. الولايات المتحدة لا يمكنها حقا أن تؤثر كثيرا ويجب ألا تفعل في المستقبل القريب".
وتبدى صراع السلطة بوضوح في مصر في عدد من المناسبات.
ومن ذلك حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في 14 يونيو حزيران بحل البرلمان الذي هيمن عليه الإخوان المسلمون وهناك اعتقاد واسع النطاق داخل مصر أن هذه الخطوة جاءت بتدبير من الجيش.
ويوم 18 يونيو أعطى المجلس الأعلى للقوات المسلحة نفسه حق التشريع إلى حين انتخاب برلمان جديد كما أعطى نفسه القول الفصل في وضع دستور جديد لمصر وحق اختيار لجنة تأسيسية لصياغة الدستور إذا كانت هناك ضرورة لذلك.
وتنطوي شراكة الولايات المتحدة مع طرفي الصراع على مشاكل.. الجيش بسبب ما يعتبره محللون تصرفات غير ديمقراطية من جانبه والإخوان المسلمون بسبب الغموض الذي يحيط بسياساتهم على المدى الطويل.
وقال مساعد في الكونجرس الأمريكي "إنها مشكلة صعبة. أعتقد أن الإخوان المسلمين هم الجانب الأسهل من المعادلة في بعض الجوانب".
وقال المساعد الذي طلب عدم الكشف عن هويته إن البيت الأبيض الأمريكي يبدو مستعدا للتعامل مع الإخوان المسلمين ما داموا يتصرفون بشكل ديمقراطي وبشكل ليس فيه إقصاء ولا يتخطون الخطوط الحمراء في قضايا منها معاهدة السلام مع إسرائيل وقناة السويس.
وقال "عشنا هذا الموقف من قبل. لقد شهدنا ما حدث في تركيا. وشهدنا تونس. شهدنا أن الناس الذين يسمون نفسهم إسلاميين يمكن أن يكونوا على ما يرام. سنحكم على التصرفات لا التاريخ."
وفي خطاب نقله التلفزيون يوم الأحد تعهد مرسي بأن يكون رئيسا لكل المصريين وان يعمل على توحيد الأمة كما وعد باحترام كل المعاهدات الدولية في لفتة موجهة إلى إسرائيل.
ورغم ذلك هناك بعض التردد داخل مجتمع السياسة الخارجية الأمريكية خاصة المحافظين المؤيدين لإسرائيل بشأن جماعة الإخوان المسلمين نظرا لتصريحات سابقة لمسئولين في الجماعة تطالب بإعادة النظر في معاهدة السلام والتعهد بتطبيق الشريعة الإسلامية وانتقاد الجماعة المعلن لإسرائيل.
وقال اليوت ابرامز وكان نائبا لمستشار الأمن القومي في إدارة بوش "الخوف هو أن نقول حسنا لقد فازوا دعونا نكون كلنا أصدقاء بدلا من أن نضع معايير للإخوان المسلمين.
"أعتقد أن علينا أن نمارس ضغطا عليهم في قضايا مثل دور المرأة في المجتمع ودور الأقباط في المجتمع المصري وعلاقة مصر بحماس" مشيرا إلى حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية التي تدير قطاع غزة.
وأكدت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون على بعض هذه النقاط ودعت مرسي إلى أن يشرك المرأة والأقباط والليبراليين وهو يشكل حكومته.
وعلى الرغم من أن جماعة الإخوان قد نبذت رسميا العنف إلا انه خرج من عباءتها حركات مثل حماس وزعماء للقاعدة مثل أيمن الظواهري.
ويقر مسئولون أمريكيون بوجود قدر من التعارض بين رغبتهم التعامل مع رجال سياسة في مصر من مختلف الأطياف وغموض موقفهم من تاريخ جماعة الإخوان المسلمين وأعضائها وبعضهم ممنوعون من دخول الولايات المتحدة.
وقال مسئول طلب عدم الكشف عن هويته "هناك هذا التوتر. نريد أن نرى مزيدا من الناس. علاقتنا تتطور مع تطور الأفراد ومع تطور الأمة (مصر)."
وعلى الرغم من العقوبات والقيود المفروضة على إصدار تأشيرات دخول لزعماء الجماعة إلا أن المسئولين الأمريكيين ظلوا يجرون بشكل متقطع اتصالات متدنية المستوى مع ممثلي الإخوان المسلمين منذ سنوات وعادة ما يحدث ذلك من خلال نواب برلمانيين لهم صلة بالجماعة.
وفي العام الماضي خلال انتفاضة "الربيع العربي" التي أطاحت بمبارك استأنف مسئولون أمريكيون ما وصف باتصالات دبلوماسية رسمية مع الجماعة.
وقال النائب الجمهوري الأمريكي مايك روجرز رئيس لجنة المخابرات في مجلس النواب انه على الولايات المتحدة أن تكون حذرة.
وقال "هناك مجموعة من قادة القاعدة كانوا من الإخوان المسلمين وتخرجوا وأصبحوا من القاعدة.
"هل أعتقد أن هناك أعضاء معتدلين في الإخوان المسلمين علينا أن نمد يدنا لهم ونجري معهم محادثات؟ نعم لكن علينا أن نراقب هذا بحذر".
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق