السبت، 7 مايو 2011
"روزاليوسف" وقنبلة مدوية حول قصة كاميليا شحاتة
كتب:طارق الكرداوى
كاميليا شحاتة
رغم أن مصر الثورة تواجه تحديات داخلية وخارجية لا حصر لها ، إلا أن هناك من يحاول سواء عن قصد أو غير قصد تشتيت جهودها في قضايا فرعية تعمق الجراح التي خلفها نظام مبارك ولا تخدم أحدا سوى أعداء أرض الكنانة .
ففي 7 مايو ، ظهرت المواطنة المصرية كاميليا شحاتة فجأة على قناة "الحياة" القبطية لتعلن أنها لم تشهر إسلامها وأنها مازالت مسيحية .
وقالت كاميليا في حوار مسجل عرض ببرنامج" سؤال جريء" المذاع على قناة "الحياة " القبطية إن خلافا نشب بينها وبين زوجها تسبب في هجرها لمنزل الزوجية ولجوئها إلى بعض أقاربها غير المعروفين لدى زوجها وذلك لمدة ثلاثة أيام وقبل ذلك قامت بترك ابنها انطون لدى حماتها وهو ما تسبب في انزعاج أهلها وزوجها فقاموا بإبلاغ جهاز أمن الدولة حينها معتقدين أن بعض الأشخاص قاموا باختطافها وإجبارها علي الدخول في الإسلام .
وأضافت أنه بعد تحريات جهاز أمن الدولة تم التعرف علي مكانها وقام بالتحفظ عليها لمدة يوم كامل من ليل الخميس إلي صباح الجمعة ثم قام بالاتصال بأختها لاستلامها وجلست لديها لمدة شهر.
وحول ما تردد عما قاله الشيخ "أبويحيى" عن إسلامها ، قالت إنها لم تسمع به من قبل إلا من خلال وسائل الإعلام بعد ذلك ، موضحة أنها لم ولن تفكر في الإسلام ولو للحظة واحدة .
وتابعت أنها لم تشك في دينها ولو يوما واحدا وأن المسيح في دمها منذ طفولتها وأن تربيتها كلها كانت في الكنيسة ولم تتخلف عنها في يوم من الأيام ومن المستحيل أن تفكر في أن محمد آخر الأنبياء وأنه رسول الله ولو واحد في المليون.
كما نفت ذهابها إلي الأزهر نهائيا بل إنها لم تقم بزيارة القاهرة إلا في مرات قليلة كلها كانت لزيارة كنائس مصر الجديدة وأكدت أيضا أنها لم تقم بارتداء النقاب في يوم من الأيام ولو حتى علي سبيل المزاح .
وحول الوثائق التي ادعى السلفيون امتلاكها ومنها وثيقة الزواج وبعض الصور ، قالت إنها سلمتها لأمن الدولة ومن الممكن أن تكون سربت كما يمكن أن يستخرج منها نسخا أخرى وأنها كانت تحمل تلك الوثائق بسبب كونها تعمل مدرسة بعقد مؤقت وقد تحتاج إليها في حالة فتح باب تثبيت المدرسين.
ونفت كاميليا أيضا قيام الكنيسة باحتجازها في أي يوم من الأيام ، وأبدت أسفها علي ما تتعرض له الكنيسة والبابا شنودة بسببها ، مقدمة بالغ اعتذارها للبابا شنودة لما تعرض له بسبب تلك المشكلة وما لحقه من اتهامات وإهانات.
بيان جبرائيل
ورغم أن ظهور كاميليا هو أمر طالب به كثير من المصريين لإنهاء الجدل حول لغز اختفائها منذ تردد أنباء حول إسلامها قبل حوالي عام ، إلا أن ما يخشاه البعض هو أن يتصاعد التوتر الطائفي في مصر بسبب الطريقة التي خرجت بها كاميليا على وسائل الإعلام من ناحية وتأخرها في القيام بتلك الخطوة من ناحية أخرى .
ولعل التصريحات التي أدلى بها نجيب جبرائيل محامي كاميليا وهدد خلالها بالتخلي عن قضيتها في حال رفضها الحضور إلى النيابة العامة للإدلاء بأقوالها ترجح صحة المخاوف السابقة .
فقد عبر جبرائيل في بيان له السبت عن "انزعاجه" من ظهور كاميليا على قناة الحياة القبطية في فيديو مسجل ، قائلا :" ترددت في وسائل الإعلام أنباء عن ظهور السيدة كاميليا شحاتة وزوجها القس تداوس سمعان راعى كنيسة مار جرجس بدير مواس بالمنيا على إحدى القنوات الفضائية الدينية غير المصرية رغم إلحاحنا عليها أكثر من مرة بأنها إذا ما رغبت في الظهور فيكون ظهورها على إحدى القنوات المصرية من أجل إراحة الشعب المصري وسد أفواه المغرضين ".
وأضاف "فضلنا بصفة خاصة إحدى القنوات الرسمية حفاظا على استقرار وسلامة نسيج هذا الوطن ، ترتيب ظهورها على فضائية الحياة القبطية تم من دون علمي أو موافقتي وإذا لم توافق على الحضور إلى النيابة للإدلاء بأقوالها سوف أنسحب من القضية".
وتابع "أعرف أنها تتعرض لضغوط نفسية كبيرة ، لكني لا يمكنني الاستمرار في تولي قضيتها طالما تتخذ قرارات دون استشارتي".
وبجانب التصريحات السابقة ، فقد ظهرت أيضا تساؤلات عدة تتطلب إجابة سريعة لتفويت الفرصة على مروجي الفتنة ومنها : لماذا تأخرت كاميليا في الظهور لمدة عام لتؤكد أنها مازالت مسيحية ؟ ولماذا اتبعت الكنيسة الأسلوب ذاته ولم تقنعها بالظهور طيلة هذا الوقت ؟ ولماذا تتكتم كاميليا على مكان وجودها رغم ظهورها على قناة الحياة القبطية ؟.
فقد نقلت صحيفة "الأهرام" عن أحد معدي البرامج بقناة الحياة القبطية أن السيدة كاميليا شحاتة ظهرت بصحبة زوجها القس تداوس سمعان راعى كنيسة مار جرجس بدير مواس بالمنيا وابنها في حوار مسجل ، رافضا الافصاح عن مكانها خوفا على حياتها وحياة أسرتها من جهة وتنفيذا لرغبتها الخاصة من جهة أخرى.
وكشف أن الاتصال بها لتسجيل الحلقة تم عن بعد إلا أن اللقاء مصور بالصوت والصورة الواضحين حتى لا يفتح مجالا للشكوك ، محذرا السلفيين من إعادة فتح قضية كاميليا مرة أخرى .
تصريحات أبو يحيي
ولعل ما يزيد الجدل وعلامات الاستفهام أن كاميليا لم تمتنع فقط عن الظهور على وسائل الإعلام الرسمية المصرية أو التوجه للنيابة مباشرة وإنما لم تخرج أيضا على الفور لترد على تصريحات الشيخ مفتاح فاضل المعروف بـ "أبو يحيي" وعضو ائتلاف "دعم المسلمات الجدد" في مصر حول إسلامها .
ففي مطلع مايو ، أكد الشيخ أبو يحيي أنه الشاهد الرئيسي في قضية إسلام كاميليا شحاتة ، قائلا :" جاءتني كاميليا وهي بالغة راشدة عاقلة واختارت عقيدتها وطلبت مني أن أحدد لها الأطر القانونية الصحيحة التي يجب أن تسير عليها لكي تشهر إسلامها ".
وروى في حديثه مع برنامج "الحقيقة" على قناة "دريم 2 " الفضائية قصة قدوم كاميليا شحاتة إليه ، قائلاً: "بالفعل جاءتني كاميليا شحاتة في تمام الساعة السادسة صباحا واستمر امتحاني لها من السادسة حتى العاشرة صباحا ، بعدها ذهبنا إلى الاستوديو الواقع أمام الأزهر مباشرة لالتقاط صور لها ترفق مع المسودة المدون فيها بياناتها الشخصية تبصم عليها وبعدها تدبس مع صورة بطاقتها وصورة بطاقتي وبطاقة الشاهد وهذه الأوراق تم تحريزها في نيابة وسط القاهرة وكان ذلك تحديدًا في 21 يوليو 2010 وذهبت لنفس الاستوديو لاستخراج نسخة من تلك الصور، نحن نسعى لوأد الفتنة بمعنى أن نعيش معا في وطن واحد بشفافية" .
وسرعان ما خرج أبو يحيي في 2 مايو بتصريحات جديدة حذر خلالها من ظهور كاميليا شحاتة إعلاميا منعاً لتصعيد الفتنة.
وأضاف أبو يحيي أن هناك شائعة تسربت عقب زيارة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية للبابا شنودة مؤخرا تقول إن كاميليا تم تصويرها في مقطع فيديو لإذاعته على وسائل الإعلام .
وتابع " كاميليا أسيرة والأسرى لا رأي لهم " ، مشيرا إلى أنه لو ثبت صحة هذا الشريط فإنه لايعني ائتلاف "دعم المسلمات الجدد" في شيء .
ودعا أبو يحيى وفقا لبيان صادر عن ائتلاف "دعم المسلمات الجدد" إلى تشكيل لجنة من قيادات الجيش والأزهر والكنيسة والائتلاف لبحث أزمة "المسلمات الجدد" وليست كاميليا وحدها ، لافتا إلى أن مهمة اللجنة تتمثل في وضع كافة "الأسيرات" في مكان محايد تحت رقابة الجيش لمدة أسبوع على أن يجمعهن بعد ذلك لقاء مفتوح مع أعضاء اللجنة يذاع على الهواء مباشرة ويقمن خلاله صراحة بإعلان عقائدهن سواء كانت إسلامية أو مسيحية.
قنبلة "روزاليوسف"
ويبدو أن الأمر لن يقف عند حدود ما ذكره أبو يحيي ، فقد نشرت مجلة "روزاليوسف " أيضا في 7 مايو تقريرا حول قصة كاميليا شحاتة من محاضر تحريات جهاز أمن الدولة المنحل والتي حملت توقيع "سري للغاية" .
ووفقا لما جاء في تلك المحاضر ، فإنه بعد هروب كاميليا شحاتة من زوجها الكاهن تداوس سمعان وتقديمه بلاغا باختطافها علي عكس الحقيقة ، فإن كاميليا كانت انتقلت من مقر إقامتها بدير مواس بمحافظة المنيا إلي القاهرة وعن طريق بعض المعارف توصلت إلي أحد مشايخ السلفية وكنيته "أبو يحيي" والذي قام بتوفير شقة لها في منطقة الهرم للإقامة فيها بعيدا عن الأعين.
وفي هذه الأثناء ، كانت اشتعلت التظاهرات المنادية برجوعها خصوصا بعدما تواترت أنباء عن نيتها إشهار إسلامها وبدأت تتوافد الحشود علي الكاتدرائية من الشباب القبطي الغاضب .
ويبدو أن الأزمة كانت لدى الأمن وفقا للمحاضر أنه لم يكن يعلم مكانها حتي توجه الشيخ السلفي "أبو يحيي" إلي أمن الدولة وأبلغ الضابط "أ.ف" أن السيدة كاميليا التي تثار حولها المشكلة مقيمة لديه وطلب منه أن يسهل للأمن مراقبتها وهو ما تم فعلا بالتنسيق مع الشيخ السلفي الذي حدد ساعة معينة تظهر فيها السيدة مع أبو يحيي ونزلت من شقة الهرم وهي ترتدي نقابا واستقلت معه سيارة.
وجاء في المحاضر أيضا " منذ تلك اللحظة ، تم وضع كاميليا وأبو يحيي تحت المراقبة الأمنية واستمر الأمر لمدة 5 أيام كاملة اشتعلت فيها الأحداث وعلت نبرة المتظاهرين الأقباط المطالبين برجوعها ".
وأشار تقرير "روزاليوسف " أيضا إلى أنه صدرت تعليمات بضرورة إحضارها والتحفظ عليها وهو ما تم في مساء اليوم الخامس من المراقبة حيث تم ضبطها مع الشيخ السلفي أمام الباب الرئيسي لدار الأوبرا في نهاية كوبري قصر النيل وتم القبض أيضا علي "أبو يحيي" معها وتم نقلهما إلي مقر أمن الدولة في مدينة نصر لاستجوابهما وتبين أنها لم تكن ذهبت إلي الأزهر لإشهار إسلامها بعد .
وتابع التقرير " تم إبلاغ الكنيسة بالتوصل إلي السيدة كاميليا والتي أرسلت بدورها الأنبا يؤانس للتفاوض بصفته المبعوث الشخصي للبابا لما يتمتع به من مرونة وقبول وكان الطلب أن يتم تسليم كاميليا للكنيسة حتي تهدأ ثورة الشباب القبطي الثائر وانتهى الأمر بقرار حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق تسليم كاميليا إلي الكنيسة حيث تم نقلها عبر الأمن إلي الكاتدرائية في العباسية وكان ينتظرها الأنبا أغابيوس أسقف دير مواس ".
وأضاف التقرير " حسب المعلومات الأمنية ، فإن كاميليا وقبلها وفاء قسطنطين كان يجري نقلهما إلي دير الأنبا بيشوي تحديدا لأنه الدير الذي يلتقي فيه البابا شنودة زوجات الكهنة في لقاء شهري وتنقطع علاقة أجهزة الأمن تماما بهن بعد تسليمهن في حين باقي السيدات اللاتي يتم تسليمهن يتم التحفظ عليهن في بيوت التكريس".
واستطرد " بعد تقديم بلاغات تطالب بالكشف عن مكان كاميليا وإظهارها علي أساس أنها محتجزة كنسيا كما يقول السلفيون قررت النيابة إحضارها والاستماع لها ليس كمتهمة أو شاهدة ولكن للتأكد أنها ليست محتجزة من أي جهة ومن ناحيتها أوكلت كاميليا الناشط الحقوقي القبطي نجيب جبرائيل لتمثيلها قانونيا في الأمر ولإبعاد الأمر عن الكنيسة بعد إرسال النيابة طلب حضور كاميليا علي مقر الكاتدرائية".
واختتم التقرير قائلا :" هناك سلسلة متواصلة من الأخطاء وقعت فيها الدولة والكنيسة والسلفيون وكاميليا نفسها هي وزوجها ما تسبب في فتنة ضربت في طول مصر وعرضها وربما يكون السبب لها خلافا زوجيا ينشب كل يوم في كل بيت تقريبا ، ما يجري حاليا ميراث من خطايا النظام السابق الذي تهاون في حق المواطن والدستور الذي ينص علي حرية الاعتقاد فلم يحمه وبدا متهاونا ومتواطئا وأضاع هيبة الدولة بقراراته ورغم أن الكنيسة طالبت بضرورة ضمان حرية المعتقد في العلن ، إلا أنه ظهر خطاب تحريضي من قبل بعض المسيحيين ضد حالات الأسلمة ".
وأيا كانت صحة التقرير السابق ، فإن الحقيقة التي لاجدال فيها هي أن كاميليا مواطنة مصرية لها حرية اعتقاد ما تشاء ، إلا أن التزامها الصمت منذ تفجر قضيتها هو أمر مرفوض تماما وأدخل مصر في قضايا فرعية كان يمكن تجنبها والالتفات للتحديات الكبرى .
صحيح أن كاميليا سبق لها الظهور على قناة الحياة القبطية عبر تسجيل فيديو قصير أصرت فيه على أنها معتزة بمسيحيتها وأنها لم تسلم ، إلا أن هذا الفيديو تم حينها الطعن في مصداقيته من قبل بعض السلفيين بسبب رفضها الخروج على وسائل الإعلام الرسمية .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق