الثلاثاء، 19 أبريل 2011
مبارك وضربة موجعة جديدة
كتب:طارق الكرداوى
فيما اعتبر ضربة قوية جديدة للرئيس المصري السابق ، كشف التقرير النهائي للجنة تقصي الحقائق المعنية بأحداث ثورة 25 يناير أن مبارك هو المتهم الأول بجرائم قتل المتظاهرين الأبرياء .
ولم يقف الأمر عند ما سبق ، فقد أشار تقرير اللجنة أيضا إلى أن عدد شهداء الثورة بلغ 846 شخصا وعدد المصابين 6500 على الأقل.
وكان أمين عام لجنة تقصي الحقائق المستشار عمر مروان عقد مؤتمرا صحفيا يوم الثلاثاء الموافق 19 إبريل أعلن خلاله عن الحقائق الكاملة لأحداث ثورة 25 يناير وجرائم قتل المتظاهرين و"موقعة الجمل" والإنفلات الأمني الذي شهدته البلاد بمختلف المحافظات.
وقال مروان إن اللجنة المشكلة بقرار رئيس الوزراء لعام 2011 استمعت إلى أقوال حوالي 17 ألفا و58 شاهدا توجهوا إلى اللجنة وشاركوا عبر الإنترنت كما استخدمت 852 تسجيل فيديو للأحداث.
وأضاف أن أسماء كل من تورطوا بالأحداث أرسلت إلى النيابة العامة ومستشاري التحقيق ومنهم حبيب العادلي وقيادات وضباط الشرطة الذين أحيلوا للمحاكمات ومسئولى الحزب الوطني الديمقراطي ونوابه ، كاشفا أن هناك العشرات غيرهم سيجري معهم التحقيق خلال الأيام القليلة القادمة.
وبالنسبة لمضمون التقرير النهائي للجنة ، أوضح مروان أن وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي هو من أصدر أوامره للشرطة وقوات الأمن المركزي بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين بعد أن حصل على موافقة الرئيس السابق حسني مبارك على تلك الخطوة .
وتابع أن الدلائل التي جمعتها اللجنة خلال شهرين من العمل أشارت أيضا إلى أن مبارك لم يقم بمحاسبة من قاموا بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين بما يؤكد اشتراكه في تحمل المسئولية في ذلك مع قيادات الشرطة.
واستطرد " أوامر ضرب المتظاهرين بالرصاص الحي لا تتخذ إلا بقرار واضح من رئيس الجمهورية " ، وتساءل : لماذا ترك مبارك وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى يطلق النار على المتظاهرين دون مراجعة أو تحقيق؟.
وأضاف مروان أن التحقيقات توصلت أيضا إلى أن القناصة الذين أطلقوا النار على المتظاهرين هم ضباط قسم مكافحة الإرهاب بمباحث أمن الدولة ، كما تمكنت اللجنة من الحصول على سيارتين دهستا المتظاهرين قبل تفكيكهما ومحو معالمهما.
واستطرد أنه تم ضبط السيارتين بعد إزالة المحركات والأبواب والزجاج أمام نقطتي شرطة بمنطقة فم الخليج ومنطقة أخرى بمصر القديمة وتم تسليمهما إلى القوات المسلحة بما يثبت مسئولية رجال الشرطة عن هاتين السيارتين واستخدامهما حيث أنه بالاستعلام عنهما من الجمارك والمرور تبين أن السيارتين لا توجد لهما أية أوراق.
وبالنسبة للسيارتين اللتين سرقتا من السفارة الأمريكية وتم استخدامهما في قتل المتظاهرين ، أكد أمين عام لجنة تقصي الحقائق أن رجال الشرطة هم من قاموا بسرقة هاتين السيارتين وقادوهما ، قائلا :" لا نستطيع تأكيد أو نفي تواطؤ السفارة الأمريكية معهم ، فجهات التحقيقات هي المسئولة عن تحديد ذلك".
موقعة الجمل
وفيما يتعلق بالانفلات الأمني ، قال المستشار مروان إنه ثبت للجنة حدوث حالات انسحاب واسعة لقوات الشرطة بالأوامر من قياداتهم كما كشفت عن ذلك بعض مشاهد الفيديو التي تقدم بها بعض الأشخاص ، هذا بالإضافة إلى انسحاب الشرطة عشوائيا في بعض المناطق بعد أن انقطعت الاتصالات بينهم وبين قياداتهم بالمواقع المختلفة وإصابتهم بالإجهاد.
واستطرد قائلا :" انسحاب الشرطة تم بعضها بطريقة عشوائية نظرا لانقطاع الاتصالات يوم 28 يناير الماضى ، غير أن البعض الآخر تم بطريقة متعمدة حيث تبين للجنة من بعض الشرائط المصورة التى حصلت عليها من شهود عيان أن هناك مجموعة من الضباط انسحبوا من الشارع بشكل منظم ".
وفيما يتعلق بـ "موقعة الجمل" ، أضاف عمران أن هناك العديد من المتورطين فى أحداث الأربعاء 2 فبراير والمعروفة إعلامياً بموقعة الجمل لم تمثل إلى التحقيق حتى الآن.
وعن اقتحام السجون بمختلف المحافظات ، كشف مروان أن هناك بعض السجون التي وقع عليها اعتداء من عناصر مسلحة ومدربة لتهريب مساجين حماس وحزب الله مثلما حدث في سجني أبو زعبل والمرج .
وأوضح أنه تم العثور على فوارغ طلقات رصاص لم تستخدم في مصر من قبل بما يشير إلى قيام عناصر أجنبية بالتخطيط والتنفيذ ، مشددا في الوقت ذاته على أن هناك سجونا أخرى أدى تعمد رجال الشرطة أو خوفهم إلى هروب المساجين منها وكان يمكن تفادي ذلك.
وتابع في هذا الصدد " عملية فتح السجون والاعتداء علي المساجين لم تخرج عن طريقتين ، الأولى أن هناك بعض العناصر المدربة من الخارج اقتحمت السجون وهربت مساجين بعينهم من سجنى أبو زعبل والمرج واللذين يضمان متهمين ينتمون لحزب الله وحماس والدليل على ذلك أننا رأيناهم بعد 6 ساعات على شاشات التليفزيون من غزة ".
واستطرد " أما الطريقة الأخرى فتمت بشكل عشوائى بعد أن تم فى بعض السجون حالات شغب من المساجين لمحاولة الهروب وضرب مثلا على ذلك بمقتل اللواء محمد البطران رئيس سجن القتا، حيث تبين للجنة أن قتله لم يكن متعمداً بل تم أثناء محاولته للخروج من باب السجن فتدافع حوله المساجين لاقتناص الفرصة للهروب مما اضطر الحراس إلى فتح النار من الأبراج لإبعاد المساجين فوقع البطران جراء تلك النيران ".
عدد الشهداء والجرحى
وبالنسبة لضحايا المظاهرات السلمية ، أشار مروان إلى أن عدد شهداء الثورة بلغ 846 شخصا وعدد المصابين 6500 على الأقل ، موضحا أن عددا كبيرا من أهالي المتوفين والمصابين لم يعلنوا عن أسماء أبنائهم خوفا من الاعتقال كما أن وزارة الصحة أخفت العدد الحقيقي.
وفيما يتعلق بقطع الاتصالات ، أشار مروان إلى أن العملية تمت بعد عقد اجتماع منظم من ممثلين عن وزارة الداخلية وشركات المحمول الثلاث انتهى إلى تشكيل لجنة لقطع الاتصالات إذا اقتضى الأمر وهو ما حدث بالفعل.
ولفت أيضا إلى أن قطع الاتصالات عن طريق شبكات الهواتف المحمولة والإنترنت والتشويش على القنوات التي كانت تبث من قلب الأحداث أنباء وأقوالا تشجع الثائرين وتحفز المتابعين كان مقصودا لحجب الأخبار عن المواطنين وعن العالم ولإعاقة المتظاهرين والحد من توافدهم على أماكن التجمهر وتقليص التنسيق فيما بينهم.
واختتم مروان قائلا :" إن التقرير النهائي توصل أيضا إلى أن مصر هي أول دولة تقوم بقطع الاتصالات عن الشعب وإنه تبين كذلك حدوث اجتماع بين جهات أمنية وممثلي شركات المحمول الثلاث وتم تشكيل لجنة لقطع الاتصالات وتم التنفيذ وقد تم تحديد المسئولين عن ذلك وإبلاغ جهات التحقيق".
عمر سليمان
ويبدو أن صدمة مبارك لن تقف عند النتائج التي توصل إليها تقرير لجنة تقصي الحقائق ، فقد استمعت النيابة العامة في مصر في 19 إبريل أيضا إلى أقوال رئيس جهاز المخابرات السابق اللواء عمر سليمان عن المعلومات التي توفرت لدى الجهاز عن علاقة الرئيس السابق بقتل متظاهرين خلال ثورة 25 يناير وعن ثروات مبارك وأسرته.
وجاء في بيان نشر على صفحة النيابة العامة على "فيسبوك" أن سليمان أدلى بأقواله سواء تعلقت المعلومات بفترة ما قبل الثورة أو خلالها وأيضا بشأن وقائع قتل المحتجين خلال المظاهرات السلمية وثروات مبارك وأسرته.
وأضاف البيان "حرصا على مصلحة التحقيقات ولعدم اكتمالها حتى الآن فسترجيء النيابة العامة الإعلان عن تفاصليها لحين انتهاء التحقيقات".
وبالنظر إلى أن مبارك كان أعلن يوم 29 يناير/كانون الثاني الماضي عن تعيين عمر سليمان نائبا له بعد أربعة أيام فقط من اندلاع الثورة ، فإن أقواله أمام النيابة ستحظى بأهمية كبيرة جدا خاصة في حال لم تذهب بعيدا عما انتهت إليه لجنة تقصي الحقائق .
وبصفة عامة وإلى حين فتح كافة ملفات الفساد المالي والسياسي في عهد الرئيس السابق ، فإن ما ظهر حتى الآن من شأنه أن يضاعف مأزق مبارك رغم تطمينات المحامي فريد الديب له .
وكانت تسريبات من داخل مستشفى شرم الشيخ الدولي أفادت بأن المحامي فريد الديب المكلف بالدفاع عن مبارك طمأنه بأن موقفه في القضية قوي ولا يوجد أي دليل يثبت إصداره قراراً باستخدام العنف وقتل المتظاهرين في "جمعة الغضب" .
والخلاصة أنه رغم نفي الرئيس المصري السابق حسني مبارك أكثر من مرة إصداره الأوامر بإطلاق الرصاص على متظاهري ثورة 25 يناير ، إلا أنه تظهر وقائع جديدة يوما بعد يوم تشير إلى أن قتل عشرات الثوار لم يكن محض صدفة أو عن طريق الخطأ وإنما كان عملا مقصودا في حد ذاته ولا يمكن أن يتم بتلك الطريقة الوحشية إلا بقرار من أعلى المستويات .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق